عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١١٣
الثوب الذي سداه ولحمته إبريسم، وعندهم اسم للمنقش والجمع: ديابيج. قلت: فعلى هذا يكون عطفه على الحرير من عطف الخاص على العام. قوله: (ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم)، أي: أنعم. فإن قلت: هذا يعارضه ما روى من حديث هند بن أبي هالة الذي أخرجه الترمذي في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن فيه أنه كان شش الكفين والقدمين، أي: غليظهما في خشونة. قلت: قيل: اللين في الجلد والغلظ في العظام فيجتمع له نعومة البدن مع القوة، ويؤيد ما رواه الطبراني والبزار من حديث معاذ، رضي الله تعالى عنه: (أردفني النبي صلى الله عليه وسلم خلفه في سفر فما مسست شيئا قط ألين من جلده صلى الله عليه وسلم). قوله: (أو عرفا)، هو شك من الراوي، لأن العرف، بفتح العين وسكون الراء بعدها فاء: هو الريح أيضا. قوله: (من ريح أو عرف النبي صلى الله عليه وسلم)، وهذا أيضا شك من الراوي. وقوله: (من ريح)، بكسر الحاء بلا تنوين لأنه في حكم المضاف، تقديره: من ريح النبي صلى الله عليه وسلم، أو من عرفه، وهذا كما في قول الشاعر:
* بين ذراعي وجبهة الأسد * تقديره: بين ذراعي الأسد وجبهته، فقد أدخل بين المضاف والمضاف إليه شيئا، والأصل عدمه. قيل: ووقع في بعض النسخ: أو عرقا، بفتح الراء وبالقاف، وكلمة: أو، وعلى هذا تكون للتنويع دون الشك، والمعروف من الرواية هي الأولى.
2653 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة عن قتادة عن عبد الله بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها.
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه صفة من صفاته العظيمة. ويحيى هو القطان، وعبد الله بن أبي عتبة، بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق: مولى أنس بن مالك، مر في الحج.
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن بندار عن يحيى وابن مهدي وفي الأدب عن علي بن أبي الجعد وعن عبدان عن عبيد الله. وأخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم عن عبيد الله بن معاذ وعن زهير بن حرب ومحمد بن المثنى وأحمد بن سنان. وأخرجه الترمذي في الشمائل عن محمود بن غيلان. وأخرجه ابن ماجة في الزهد عن بندار.
قوله: (حياء)، نصب على التمييز وهو تغير وانكسار عند خوف ما يعاب أو يذم (والعذراء) البكر لأن عذرتها وهي: جلدة البكارة باقية. قوله: (في خدرها)، بكسر الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة: أي: في سترها، ويقال: الخدر ستر يجعل للبكر في جنب البيت. فإن قلت: مبنى أمر العذراء على الستر، فما فائدة قوله: (في خدرها؟) قلت: هذا من باب التعميم للمبالغة لأن العذراء في الخلوة يشتد حياؤها أكثر مما تكون خارجة عن الخدر لكون الخلوة مظنة وقوع الفعل بها، ثم محل الحياء فيه صلى الله عليه وسلم في غير حدود الله، ولهذا قال للذي اعترف بالزنا: أنكتها؟ ولم يكن.
حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى وابن مهدي قالا حدثنا شعبة مثله وإذا كره شيئا عرف في وجهه هذا طريق في الحديث المذكور أخرجه عن محمد بن بشار وهو عن بندار عن يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي كلاهما رويا عن شعبة. قوله: (مثله)، أي: مثل الحديث المذكور سندا ومتنا. وأخرجه الإسماعيلي من رواية أبي موسى محمد ابن المثنى عن عبد الرحمن بن مهدي بسنده، وقال فيه: سمعت عبد الله بن أبي عتبة يقول: سمعت أبا سعيد الخدري يقول... إلخ.. قوله: (وإذا كره شيئا عرف في وجهه)، هذه زيادة محمد بن بشار على رواية مسدد المذكورة، ومعنى: عرف في وجهه، أنه لا يواجه أحدا بما يكرهه بل يتغير وجهه فيعرف أصحابه كراهته لذلك.
3653 حدثني علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه. (الحديث 3653 طرفه في: 9045).
مطابقته للترجمة من حيث إن المذكور فيه من جملة صفاته الحسنة. وأبو حازم، بالحاء المهملة والزاي: واسمه سلمان الأشجعي وليس هو أبا حازم سلمة بن دينار صاحب سهل بن سعد.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأطعمة عن محمد بن
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»