قال أبو عبد الله قال ابن سلام كركرة يعني بفتح الكاف وهو مضبوط كذا أبو عبد الله هو البخاري نفسه، وابن سلام هو محمد بن سلام، بتخفيف اللام شيخ البخاري، رحمه الله. واختلف في ضبط كركرة، فذكر عياض أنه بفتح الكافين وكسرهما، وقال النووي: إنما اختلف في كافه الأولى، وأما الثانية فمكسورة اتفاقا. ونقل البخاري عن شيخه محمد بن سلام أنه رواه عن ابن عيينة: كركرة، بفتح الكاف، وصرح بذلك الأصيلي في روايته أشار إليه بقوله: وهو مضبوط كذا، يعني: بفتح الكاف، وقال عياض: هو عند الأكثرين بالفتح في رواية علي بن عبد الله، وبالكسر في رواية ابن سلام، وعند الأصيلي بالكسر في الأول، وقال القابسي: لم يكن عند المروزي فيه ضبط، إلا أني أعلم أن الأول خلاف الثاني.
191 ((باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم)) أي: هذا باب في بيان ما يكره... إلى آخره.
5703 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبو عوانة عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة عن جده رافع قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة فأصاب الناس جوع وأصبنا إبلا وغنما وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس فعجلوا فنصبوا القدور فأمر بالقدور فأكفئت ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير فند منها بعير وفي القوم خيل يسيرة فطلبوه فأعياهم فأهوي إليه رجل بسهم فحبسه الله فقال هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش فما ند عليكم فاصنعوا به هكذا فقال جدي إنا نرجو أو نخاف أن نلقى العدو غدا وليس معنا مدي أفنذبح بالقصب فقال ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل ليس السن والظفر وسأحدثكم عن ذالك أما السن فعظم وأما الظفر فمدي الحبشة..
مطابقته للترجمة تؤخذ من أمره صلى الله عليه وسلم، بإكفاء القدور، فإنه يقتضي كراهة ما ذبحوا بغير أمر. وأبو عوانة، بفتح العين: الوضاح اليشكري، وسعيد بن مسروق الثوري الكوفي والد سفيان الثوري، وعباية، بفتح العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة وبعد الألف ياء آخر الحروف: ابن رفاعة بكسر الراء وبالفاء وبالعين المهملة: ابن رافع بن خديج الأنصاري الحارثي، سمع جده رافعا.
والحديث مر في كتاب الشركة في باب قسمة المغنم، فإنه أخرجه هناك عن علي بن الحكم الأنصاري عن أبي عوانة عن سعيد بن مسروق إلى آخره.
قوله: (بذي الحليفة) هي: ميقات أهل المدينة. قوله: (فأكفئت)، أي: قلبت أو نكست. قوله: (فند) أي: نفر. قوله: (فأعياهم)، أي: أعجزهم. قوله: (فأهوى إليه) أي: مد يده إليه بسهم. قوله: (أوابد) جمع آبدة، وهي التي قد تأبدت أي توحشت ونفرت من الإنس، وقد أبدت تأبد وتأبد بكسر عين الفعل وضمها. قوله: (قال جدي) أي: قال عبابة، قال جدي، وهو رافع بن خديج. قوله: (إنا نرجو)، أي: نخاف، والرجاء يأتي بمعنى الخوف. قوله: (أو نخاف)، شك من الراوي. قوله: (مدى)، جمع المدية: وهي السكين. قوله: (ما أنهر الدم)، أي: ما أساله وأجراه، وقال المهلب: إنما أمر بإكفائها لأنهم ذبحوها بذي الحليفة، وهي أرض الإسلام، وليس لأهل الإسلام إن يأخذوا في أرض الإسلام إلا ما قسم لهم، قال القرطبي: المأمور بإراقته إنما هو إتلاف لنفس المرق، وأما اللحم فلم يتلفوه، ويحمل على أنه جمع ورد إلى المغنم، ولا يظن به أنه أمر بإتلافه، لأنه مال الغانمين، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، فإن قيل: لم ينقل أنهم حملوا ذلك اللحم إلى المغنم؟ قلنا: ولا نقل أنهم أحرقوه ولا أتلفوه، كما فعل بلحوم الحمر الأهلية، لأنها نجسة، قاله، صلى الله عليه وسلم، أو قال: إنها رجس.