عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٢
فإنه قد نافق فقال ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فهذا الذي جرأه..
مطابقته للترجمة كلها ما تتأتى، لأن حديث الباب ليس فيه النظر إلى المؤمنات إذا عصين الله، نعم يطابق الترجمة قوله: (فأخرجت من حجزتها) وفي الحديث الذي مضى في: باب الجاسوس، فأخرجته من عقاصها، وعن قريب نذكر التوفيق بينهما. وعقاصها ذوائبها المضفورة فلم يكن إلا وقد كشفت شعرها لإخراج الكتاب، فبالضرورة حينئذ نظروا إليه للضرورة، وقوله أيضا: (أو لأجردنك) يطابق في الترجمة قوله: وتجريدهن، وقيل: ليس في الحديث بيان هل كانت المرأة مسلمة أو ذمية لكن لما استوى حكمهما في تحريم النظر لغير حاجة شملهما الدليل، وقال ابن التين: إن كانت مشركة لم يوافق الترجمة، وأجيب: بأنها كانت ذات عهد، فحكمها حكم أهل الذمة.
ذكر رجاله وهم: محمد بن عبد الله بن حوشب، بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وفتح الشين المعجمة وفي آخره باء موحدة: الطائفي، وهشيم بن بشير الواسطي، وحصين، بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين: ابن عبد الرحمن السلمي وسعد بن عبيدة، بضم العين وفتح الباء الموحدة: أبو حمزة السلمي الكوفي ختن أبي عبد الرحمن عبد الله السلمي، وكل هؤلاء قد مروا.
والحديث قد مر من وجه آخر في الجهاد في: باب الجاسوس، عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه.
قوله: (وكان عثمانيا) أي: وكان عبد الرحمن يقدم عثمان بن عفان على علي بن أبي طالب، وهو قول أكثر أهل السنة. قوله: (فقال لابن عطية) هو حبان، بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة. قوله: (وكان علويا) أي: بفضل علي بن أبي طالب على عثمان، وهو قول جماعة من أهل السنة من أهل الكوفة. قوله: (إني لأعلم) مقول قوله: قال، أي: قال أبو عبد الرحمن لابن عطية: إني لأعلم ما الذي جرأ، أي: أي شيء جرأ صاحبك، وقوله: وكان علويا، جملة معترضة بين القول ومقوله. قوله: (جرأ) بتشديد الراء، من الجراءة وهي الجسارة، وأراد بقوله: صاحبك، علي بن أبي طالب، قال الكرماني: كيف جاز نسبة الجراءة على القتل إلى علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه؟ وأجاب بقوله: غرضه أنه لما كان جازما أنه من أهل الجنة عرف أنه إن وقع منه خطأ فيما اجتهد فيه عفى عنه يوم القيامة قطعا انتهى. قلت: قول أبي عبد الرحمن ظن منه، لأن عليا، رضي الله تعالى عنه، على مكانته من الفضل والعلم لا يقتل أحدا، إلا بالواجب، وإن كان قد ضمن له بالجنة لشهوده بدرا وغيرها، ومع هذا قال الداودي: بئس ما قال أبو عبد الرحمن. قوله: (وسمعته يقول) أي: سمعت عليا، رضي الله تعالى عنه، يقول: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم والزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه. قوله: (روضة كذا) أي: روضة خاخ، كما ذكر هكذا في: باب الجاسوس. قوله: (امرأة)، وهي سارة، بالسين المهملة والراء، قوله: (حاطب)، وهو حاطب بن أبي بلتعة، بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وفتح التاء المثناة من فوق وبالعين المهملة. قوله: (الكتاب)، منصوب بمقدر أي: هات الكتاب ونحوه. قوله: (لم يعطني)، أي: لم يعطني حاطب الكتاب، أو لم يعطني أحد الكتاب. قوله: (لتخرجن)، باللام المفتوحة وبالنون المشددة أي: لتخرجن الكتاب أو (لأجردنك) من الثياب، يقال: جردت الثوب عنه، أي: نزعته وكشفت عنه، وكلمة: أو، هنا بمعنى إلا في الاستثناء، ولأجردنك، منصوب بأن المقدرة، والمعنى: لتخرجن الكتاب إلا أن تجردي كما في قولك: لأقتلنك أو تسلم، أي: إلا أن تسلم، وقريب منه أن يكون بمعنى: إلى، كما في قولك: لألزمنك أو تعطينيحقي، أي: إلى أن تعطيني حقي. قوله: (فأخرجت)، ويروى فأخرجته، أي: فأخرجت الكتاب من حجزتها، بضم الحاء المهملة وسكون الجيم وبالزاي، وهي معقد الإزار، وحجزة السراويل التي فيها التكة، ووقع في رواية القابسي: من حزتها، بحذف الجيم، وهي لغة عامية، وقد مضى في: باب الجاسوس أنها أخرجته من عقاصها، وهي شعورها المضفورة، والتوفيق بينهما بأنه لعلها أخرجته من الحجزة أولا، ثم أخفته في عقاصها ثم اضطرت إلى الإخراج عنها، أو المراد من الحجزة المعقد مطلقا، أو الحبل، إذ الحجاز حبل يشد بوسطه يد البعير ثم يخالف فيعقد به رجلاه، ثم يشد طرفاه إلى حقويه، أو عقاصها كانت تصل إلى موضع الحجزة فباعتباره صح الإطلاقان أو كان ثم كتابان، وإن كان مضمونهما واحدا، كما أن القضية واحدة. قوله: (فقال: لا تعجل)، أي: فقال حاطب: لا تعجل يا رسول الله. قوله: (فهذا الذي جرأه) أي: قوله: اعملوا ما شئتم، لأهل بدر، هو الذي جرأ حاطبا، وبقية البحث مرت في: باب الجاسوس.
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»