عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٤٦
فخرج ومعه قباء وهو يريد محاسنه قوله ' فتلقاه به ' فاستقبله بأزراره وإنما استقبله بأزراره ليريه محاسنه كما نص عليه في الحديث الماضي وإنما فعل هذا ليرضيه لأنه كان شرس الخلق وأشار إليه في الحديث بقوله وكان في خلقه شدة (ورواه ابن علية عن أيوب * وقال حاتم بن وردان قال حدثنا أيوب عن ابن أبي مليكة عن المسور قال قدمت على النبي أقبية) أي روى الحديث المذكور إسماعيل بن علية بضم العين المهملة وفتح اللام وتشديد الياء آخر الحروف وهو إسماعيل بن إبراهيم الأسدي البصري وعليه أمه وقد ذكر غير مرة وأيوب هو السختياني وأسند البخاري رواية أيوب في باب شهادة الأعمى حيث قال حدثنا زياد بن يحيى حدثنا حاتم بن وردان حدثنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة الحديث (تابعه الليث عن ابن أبي مليكة) أي تابع أيوب الليث بن سعد عن عبد الله ابن أبي مليكة وقد أسند البخاري هذه المتابعة في كتاب الهبة في باب كيف يقبض المتاع وقال حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة الحديث 21 ((باب كيف قسم النبي صلى الله عليه وسلم قريظة والنضير وما أعطى من ذلك في نوائبه)) أي: هذا باب في بيان كيفية قسمة النبي صلى الله عليه وسلم، قريظة، بضم القاف، والنضير، بفتح النون: وهما قبيلتان من اليهود ولم يبين كيفية القسمة، وهي الترجمة طلبا للاختصار، وفي بقية الحديث ما يدل عليها أو يجعل قوله: (وما أعطى من ذلك في نوائبه) كالعطف التفسيري لقوله: (كيف قسم) وأصل ذلك أن الأنصار كانوا يجعلون لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، من عقارهم نخلات لتصرف في نوائبه، وهي المهمات الحادثة، وكذلك لما قدم المهاجرون قاسمهم الأنصار أموالهم، فلما وسع الله الفتوح عليه صلى الله عليه وسلم كان يرد عليهم نخلاتهم.
8213 حدثنا عبد الله بن أبي الأسود قال حدثنا معتمر عن أبيه قال سمعت أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يقول كان الرجل يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات حين افتتح قريظة والنضير فكان بعد ذلك يرد عليهم..
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، وعبد الله بن أبي الأسود اسمه: حميد أبو بكر، ابن أخت عبد الرحمن بن مهدي البصري الحافظ وهو من أفراده، ومعتمر، على وزن اسم الفاعل من الاعتمار: ابن سليمان بن طرخان التيمي.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن عبد الله بن أبي الأسود، وفيه: حدثني خليفة. وأخرجه مسلم في المغازي عن أبي بكر وحامد بن عمر ومحمد بن عبد الأعلى.
قوله: (كان الرجل)، أي: من الأنصار. قوله: (حين افتتح قريظة)، أي: حين افتتح حصنا كان لقريظة، وحين أجلى بني النضير، لأن الافتتاح لا يصدق على القبيلتين. فإن قلت: بنو النضير أجلاهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من المدينة، فما معنى الفتح فيه؟ قلت: هو من باب:
* علفتها تبنا وماء باردا * بأن المراد القدر المشترك بين التعليف والسقي، وهو الإعطاء مثلا، أو ثمة إضمار أي: وأجلى بني النضير، أو الإجلاء مجاز عن الفتح، وهذا الذي كانوا يجعلونه للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان من باب الهدية لا من باب الصدقة، لأنها محرمة عليه وعلى آله، أما المهاجرون فكانوا قد نزل كل واحد منهم على رجل من الأنصار، فواساه وقاسمه، فكانوا كذلك إلى أن فتح الله الفتوح على رسوله، فرد عليهم ثمارهم، فأول ذلك النضير كانت مما أفاء الله على رسوله، مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وانجلى عنها أهلها بالرعب فكانت خالصة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، دون سائر الناس، وأنزل الله فيهم: * (ما أفاء الله على رسوله) * (الحشر: 7).
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»