عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٣٠٤
التي وقعت في القرآن من بعض قصصه، عليه الصلاة والسلام. قوله: (وإذ قال)، أي: أذكر يا محمد حين قال موسى لقومه: * (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) * (البقرة: 76). وقصة البقرة ما ذكره ابن أبي حاتم، فقال: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني، قال: كان رجل من بني إسرائيل عقيما لا يولد له وكان له مال كثير وكان ابن أخيه وارثه فقتله ثم احتمله ليلا فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض، فقال ذو الرأي منهم: على ما يقتل بعضكم بعضا وهذا رسول الله فيكم؟ فأتوا موسى، عليه الصلاة والسلام، فذكروا ذلك له، فقال: * (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا: أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) * (البقرة: 76). قال: فلو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها فقال: والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا فأخذوها بملء جلدها ذهبا فذكوها وضربوه ببعضها فقام، فقالوا: من قتلك؟ قال هذا، لابن أخيه، ثم مال ميتا فلم يعط من ماله شيئا، فلو يورث قاتل بعده. ورواه ابن جرير من حديث أيوب عن محمد بن سيرين عن عبيدة بنحو ذلك، ورواه آدم بن أبي إياس في (تفسيره) من وجه آخر، وملخصه: كان رجل من بني إسرائيل غنيا ولم يكن له ولد وكان له قريب وهو وارثه فقتله ليرثه ثم ألقاه على مجمع الطريق، وأتى موسى، عليه الصلاة والسلام، فقال له: إن قريبي قتل، ونادى موسى في الناس: من كان عنده في هذا علم يبينه لنا؟ فلم يكن عندهم علم، وقال القاتل: أنت نبي الله، سل لنا ربك أن يبين لنا. فسأل ربه، فأوحى الله إليه * (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة...) * (البقرة: 76). الآيات، وفيه: أنهم أعطوا صاحب البقرة وزنها عشر مرات ذهبا فذبحوها وضربوه بالبضعة التي بين الكتفين، فعاش فسألوه فبين القاتل، ورواه بسند من وجه آخر عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس أن سبطا من بني إسرائيل لما رأوا كثرة شرور الناس بنوا مدينة فاعتزلوا شرور الناس فكانوا إذا أمسوا لم يتركوا أحدا منهم خارج المدينة إلا أدخلوه، فإذا أصبحوا قام رئيسهم فنظر وتشوف فإذا لم ير شيئا فتح المدينة فكانوا مع الناس حتى يمسوا، قال: وكان رجل من بني إسرائيل له مال كثير ولم يكن له وارث غير أخيه فطالت عليه حياته فقتله ليرثه ثم حمله فوضعه على باب المدينة، ثم كمن هو وأصحابه: قال: فتشوف رئيس المدينة على باب المدينة فنظر فلم ير شيئا، ففتح الباب فلما رأى القتيل رد الباب، فناداه أخو المقتول وأصحابه: هيهات، قتلتموه ثم تردون الباب؟ وكاد أن يكون بين أخ المقتول وبين أهل المدينة قتال حتى لبسوا السلاح، ثم كف بعضهم عن بعض، فأتوا موسى فشكوا له شأنهم، فأوحى الله إليه أن يذبحوا بقرة.. القصة. وقال ابن كثير: الروايات فيها مختلفة، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهو مما يجوز نقلها، لكن لا يصدق ولا يكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق.
قال أبو العالية العوان النصف بين البكر والهرمة أبو العالية، بالعين المهملة: رفيع بن مهران الرياحي، بالياء آخر الحروف، وهو فسر العوان في قوله تعالى: * (إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك) * (البقرة: 86). ورواه القرطبي عن سلمة عن ابن إسحاق عن الزهري عنه. قوله: * (لا فارض ولا بكر) * (البقرة: 86). يعني: لا هرمة ولا صغيرة * (عوان بين ذلك) * (البقرة: 86). أي: نصف بين البكر والهرمة، والنصف، بفتح النون والصاد.
فاقع صاف أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) * (البقرة: 96). وهذه الجملة صفة لتلك البقرة المأمور بذبحها ولونها مرفوع بفاقع، وعن سعيد بن جبير: صفراء فاقع صافية اللون، وكذا عن قتادة والحسن ونحوه، وقال العوفي في (تفسيره): عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه، فاقع لونها شديد الصفرة تكاد صفرتها تبيض، وعن ابن عمر كانت صفراء الظلف، وعن سعيد بن جبير: كانت صفراء القرن والظلف، قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا نصر بن علي أخبرنا أبو رجاء عن الحسن، في قوله: * (صفراء فاقع لونها) * (البقرة: 96). قال: سوداء شديدة السواد، وهذا غريب. قوله: * (تسر الناظرين) * (البقرة: 96). أي: تعجبهم.
لا ذلول لم يذلها العمل تثير الأرض ليست بذلول تثير الأرض ولا تعمل في الحرث
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»