عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٢٨
أخرجه البخاري أيضا في الرقاق عن عبد الله بن أبي شيبة أيضا. وأخرجه مسلم في آخر الكتاب عن أبي كريب. وأخرجه ابن ماجة في الأطعمة عن أبي بكر بن أبي شيبة به.
قوله: (ذو كبد)، أي: حيوان أو إنسان. قوله: (إلا شطر شعير)، قال الترمذي: الشطر، الشيء. وقال عياض: نصف وسق، وقال ابن الجوزي: أي جزء من شعير. قال: ويشبه أن يكون نصف شيء كالصاع ونحوه. قوله: (في رف)، بفتح الراء وتشديد الفاء: شبه الطاق، وقال ابن الأثير: الرف، خشب يرفع عن الأرض إلى جنب الجدار يوقى به ما يوضع عليه، وجمعه: رفوف ورفاف. قوله: (ففني) يعني: فرغ، وقال ابن بطال: كان الشعير الذي عند عائشة غير مكيل فكانت البركة فيه من أجل جهلها بكيله، وكانت تظن في كل يوم أنه سيفنى لقلة كانت تتوهمها فيه، فلذلك طال عليها، فلما كالته علمت مدة بقائه، ففني عند تمام ذلك الأمد. فإن قلت: روي عن المقدام بن معدي كرب (كيلو طعامكم يبارك لكم فيه) قلت: المراد بكيله أول تملكه إياه أو عند إخراج النفقة منه بشرط أن يبقى الباقي مجهولا، ويكيل ما يخرجه لئلا يخرج أكثر من الحاجة أو أقل.
وفيه: أن البركة أكثر ما يكون في المجهولات والمبهمات.
8903 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن سفيان قال حدثني أبو إسحاق قال سمعت عمرو بن الحارث قال ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم إلا سلاحه وبغلته البيضاء وأرضا تركها صدقة..
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (وأرضا تركها صدقة) وذلك لأن نفقة نسائه، صلى الله عليه وسلم، بعد موته كانت مما خصه الله به من الفيء، ومنه فدك وسهمه من خيبر، ويحيى هو القطان، وقال الجياني: وقع عند القابسي: حدثنا يحيى عن سفيان وهذا وهم، والصواب: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، إلى آخره، وقد مر الحديث في أول كتاب الوصايا بأتم منه، ومضى الكلام فيه هناك.
4 ((باب ما جاء بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهن)) أي: هذا باب في بيان ما جاء من الأخبار في بيوت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وفي بيان ما نسب من البيوت إليهن.
وقول الله تعالى * (وقرن في بيوتكن) * (الأحزاب: 35). (و) * (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) * (الأحزاب: 35).
وقول الله، بالجر عطفا على قوله: في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، والتقدير: وما جاء في قوله تعالى، وذكر بعض شيء من آيتين من القرآن مطابقا لما في الترجمة.
الآية الأولى: وهي قوله عز وجل: * (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله) * (الأحزاب: 33). الآية قرأ نافع وعاصم: قرن، بفتح القاف، والباقون بكسرها، فالفتح أصله: قررن، فحذفت الراء الأولى وألقيت فتحتها على ما قبلها، فصار قرن على وزن: فلن، وقيل: من قار يقار إذا اجتمع، فعلى هذا أصله: قورن، قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار قارن فالتقى ساكنان فحذفت الألف فصار قرن، فالتقى ساكنان فحذفت الألف فصار قرن، ووجه كسر القاف هو أنه من: وقر يقر وقارا، والأمر منه، قر، قرا قروا قرى، قرا قرن، وأصله: أوقرن، فحذفت الواو لوقوعها بين الكسرتين واستغنيت عن الهمزة فحذفت فصار: قرن، على وزن: علن، وقيل: من قر يقر وأصله على هذا: أقررن، نقلت حركة الراء إلى القاف ثم حذفت واستغنيت عن الهمزة فحذفت فصار: قرن، والمعنى على الوجهين: لا تخرجن من بيوتكن، ولا تبرجن من التبرج، قال قتادة: هو التبختر والتكسر والتفتح، وقيل: هو إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال. قوله: (تبرج الجاهلية الأولى)، وقال الشافعي: هي ما بين محمد وعيسى، عليهما الصلاة والسلام، وقال أبو العالية: ما بين داود وسليمان، وقال الكلبي: الجاهلية الأولى هي الزمان الذي ولد فيه إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، وكانت المرأة من أهل ذلك الزمان تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها شيء غيره وتعرض نفسها على الرجال، فكان ذلك في زمن نمرود والناس حينئذ كلهم كفار.
الآية الثانية: هي قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه) * (الأحزاب: 33). الآية، وفيها قضية الحجاب، المعنى: لا تدخلوا بيوت النبي إلا وقت الإذن، ولا تدخلوها إلا غير ناظرين إناه، أي: غير منتظرين وقت إدراكه ونضجه. قال ابن عباس: نزلت في ناس يتحينون طعام النبي، صلى الله
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»