أبو العالية هو رفيع الرياحي، وقد ذكر في الباب الذي قبله، وأشار بذلك إلى تفسير لفظ: مطهرة، في قوله تعالى: * (ولهم فيها أزواج مطهرة) * (البقرة: 52، النساء: 75). ووصله ابن أبي حاتم من رواية مجاهد، وزاد: ومن المني والولد، وفي رواية قتادة من: الأذى والإثم. قوله: (والبزاق)، ويقال بالصاد: بصاق، أيضا.
* (كلما رزقوا) * أوتوا بشيء ثم أوتوا بآخر * (قالوا هاذا الذي رزقنا من قبل) * (البقرة: 52). أوتينا من قبل أشار بقوله: كلما رزقوا إلى قوله تعالى: * (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأوتوا به متشابها) * (البقرة: 52). قوله: (أوتوا بآخر) أي: بثمر آخر، واستفيد التكرار من لفظ: كلما، فإذا أوتوا بآخر قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل، وفسره بقوله: أوتينا من قبل، قال ابن التين: هو من أوتيته إذا أعطيته، وهكذا رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني: أتينا من أتيته، بالقصر، يعني: جئته. وقال ابن التين: والأول: هو الصواب، وفي القبلية وجهان: أحدهما ما رواه السدي في (تفسيره) عن مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة: * (قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) * (البقرة: 52). قالوا: إنهم أوتوا بالثمرة في الجنة، فلما نظروا إليها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل في دار الدنيا، وهكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم. والآخر: ما قاله عكرمة: * (قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) * (البقرة: 52). قال: معناه مثل الذي كان بالأمس، وهكذا قال الربيع ابن أنس، قال مجاهد: يقولون: ما أشبهه به، وقال ابن جرير: وقال آخرون: بل تأويل ذلك: هذا الذي رزقنا من ثمار الجنة من قبل هذه الشدة يشابه بعضها بعضا لقوله تعالى: * (واتوا به متشابها) * (البقرة: 52).
وأوتوا به متشابها يشبه بعضه بعضا ويختلف في الطعوم فسر قوله تعالى: * (وأوتوا به متشابها) * (البقرة: 52). بقوله: يشبه بعضه بعضا، وهكذا قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية، ولكنه قال: في الطعم بالإفراد، وهو أيضا رواية في الكتاب. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير، قال: عشب الجنة الزعفران، وكثبانها المسك، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه ويأكلونها ثم يؤتون بمثلها، فيقول لهم أهل الجنة: هذا الذي آتيتمونا آنفا به، فيقول لهم الولدان: كلوا، فإن اللون واحد والطعم مختلف، وهو قوله تعالى: * (واتوا به متشابها) * (البقرة: 52). وقال ابن جرير في (تفسيره) بإسناده عن السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: متشابها، يعني: في اللون والمرأى، وليس يشبه في الطعم وقال عكرمة: * (واتوا به متشابها) * (البقرة: 52). يشبه ثمر الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب، وقال سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس: لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء، وفي رواية: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء، رواه ابن جرير من رواية الثوري، وابن أبي حاتم من رواية أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به.
قطوفها يقطفون كيف شاؤا. دانية قريبة أشار بهذا إلى تفسير قوله تعالى: * (قطوفها دانية) * (الحاقة: 32). وفسر قطوفها بقوله: يقطفون كيف شاؤوا، قال الكرماني: كيف فسر القطوف بيقطفون؟ قلت: جعل * (قطوفها دانية) * (الحاقة: 32). جملة حالية، وأخذ لازمها، وروى عبد بن حميد من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال في قوله: * (قطوفها دانية) * (الحاقة: 32). يتناول منها حيث شاء، وروى ابن أبي حاتم من طريق الثوري عن أبي إسحاق عن البراء أيضا، ومن طريق قتادة قال: دنت فلا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك.
الأرائك السرر أشار به إلى الأرائك في قوله: * (متكئين فيها على الأرائك) * (الكهف: 13، الإنسان: 31). وفسرها بقوله: السرر، وكذا فسره عبد بن حميد من طريق حصين عن مجاهد عن ابن عباس، قال: الأرائك: السرر في الحجال، والأرائك جمع أريكة، قال ابن فارس: الحجلة على السرير لا تكون إلا كذا، وعن ثعلب: الأريكة لا تكون إلا سريرا متخذا في قبة عليه شوار ومخدة. قلت: الشوار، بضم الشين المعجمة