عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٣٢
وبين أن يصلها إلا كمن بقي بينه وبين موضع من الأرض ذراع. قوله: (فيسبق عليه)، الفاء للتعقيب تدل على حصول السبق بلا مهلة، ضمن يسبق معنى: يغلب، أي: يغلب عليه الكتاب، وما قدر عليه سبقا بلا مهلة فعند ذلك يعمل بعمل أهل الجنة أو أهل النار. قوله: (فيعمل بعمل أهل النار)، وفيه حذف تقديره. فيدخلها، وكذلك بعد قوله: (بعمل أهل الجنة فيدخلها). وقال الخطابي: فيه: أن ظاهر الأعمال من الحسنات والسيئات أمارات وليست بموجبات، وأن مصير الأمور في العاقبة إلى ما سبق به القضاء وجرى القدر، وروى ابن حبان في (صحيحه) من حديث أبي الدرداء مرفوعا: فرغ الله إلى كل عبد من خمس: من رزقه وأجله وعمله وأثره ومضجعه، يعني قبره، فإنه مضجعه على الدوام * (وما تدري نفس بأي أرض تموت) * (لقمان: 43).
9023 حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا مخلد قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرني موسى بن عقبة عن نافع قال قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وتابعه أبو عاصم عن ابن جريج قال أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في الأرض.
مطابقته للترجمة في قوله: (نادى جبريل) عليه الصلاة والسلام. ومحمد بن سلام، باللام المشددة: ومخلد، بفتح الميم واللام وسكون الخاء المعجمة: ابن يزيد من الزيادة مر في الجمعة، وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل.
وأورد البخاري هذا الحديث من طريقين: أحدهما: موصول وهو إلى قوله: وتابعه. والثاني: معلق وهو من قوله: وتابعه أبو عاصم... إلى آخره، وقد وصله في الأدب عن عمرو بن علي عن أبي عاصم وساقه على لفظه هناك، قيل: هو أحد المواضع التي يستدل بها على أنه قد يعلق عن بعض مشايخه ما هو عنده بواسطة، لأن أبا عاصم من شيوخه يروي عنه كثيرا في الكتاب. وقال الطوفي: ذكر البخاري الحب في كتابه ولم يذكر البغض، وهو في رواية غيره، وإذا أبغض عبدا نادى جبريل، عليه الصلاة والسلام: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: أن الله يبغض فلانا فأبغضوه، فيبغضونه، ثم يوضع له البغض في الأرض. قلت: هذا أخرجه الإسماعيلي من طريق روح بن عبادة عن ابن جريج.
قوله: (ويوضع له القبول في الأرض)، يعني: عند أكثر من يعرفه من المؤمنين، ويبقى له ذكر صالح، ويقال معناه: يلقي في قلوب أهلها محبته مادحين مثنين عليه.
وفيه: أن كل من هو محبوب القلوب فهو محبوب الله، بحكم عكس القضية.
0123 حدثنا محمد قال حدثنا ابن أبي مريم قال أخبرنا الليث قال حدثنا ابن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمان عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم..
مطابقته للترجمة في قوله: الملائكة، ومحمد هو الذي ذكر مجردا هو محمد بن يحيى الذهلي، قاله الغساني، وقال أبو ذر بعد أن ساقه: محمد هذا هو البخاري، وقال بعضهم: هذا هو الأرجح عندي، فإن الإسماعيلي وأبا نعيم لم يجدا الحديث من غير رواية البخاري فأخرجاه عنه، ولو كان عند غير البخاري لما ضاق مخرجه عليهما. انتهى. قلت: عدم وجدان الإسماعيلي وأبي نعيم
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»