عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٢٧٤
عبد الرحمن بن هرمز. وهذا التعليق وصله مسلم، وقال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد قالا: حدثنا أبو عامر العقدي عن المغيرة وهو أبو عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاصبروا).
وأخرجه النسائي أيضا.
وفي الحديث: نهى عن تمني لقاء العدو لما فيه من الإعجاب والاتكال على القوة، ولأن الناس يختلفون في الصبر على البلاء ألا يرى الذي أحرقته الجراح في بعض المغازي مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم فقتل نفسه، وقال الصديق، رضي الله تعالى عنه: لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر. وروي عن علي، رضي الله تعالى عنه، أنه قال لأبنه: يا بني! لا تدعون أحدا إلى المبارزة، ومن دعاك إليها فأخرج إليه، لأنه باغ والله تعالى قد ضمن نصر من بغى عليه وأما أقوال العلماء فيه فقد ذكر ابن المنذر أنه: أجمع كل من يحفظ عنه العلم من العلماء على أن للمرء أن يبارز ويدعو إلى البراز بإذن الإمام غير الحسن البصري، فإنه كرهها، هذا قول الثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق. وأباحته طائفة ولم يذكروا إذن الإمام ولا غيره، وهو قول مالك والشافعي، فإن طلبها كافر يستحب الخروج إليه، وإنما يحسن ممن جرب نفسه ويأذن الإمام، وسئل مالك عن الرجل يقول بين الصفين: من يبارز؟ قال: ذلك إلى نيته، إن كان يريد بذلك وجه الله تعالى فأرجو أن لا يكون به بأس، قد كان فعل ذلك من مضى، وقال أنس بن مالك: قد بارز البراء ابن مالك مرزبان فقتله، وقال أبو قتادة: بارزت رجلا يوم حنين فقتلته، فأعطاني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سلبه وليس في خبره أنه استأذن فيه.
751 ((باب الحرب خدعة)) أي: هذا باب يذكر فيه الحرب خدعة، بضم الخاء وفتحها، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
7203 حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده وقيصر ليهلكن ثم لا يكون قيصر بعده ولتقسمن كنوزهما في سبيل الله. وسمى الحرب خدعة.
(الحديث 8203 طرفه في: 9203).
مطابقته للترجمة ظاهرة، قد ذكروا غير مرة، والحديث أخرجه مسلم عن محمد بن رافع.
قوله: (كسرى)، بفتح الكاف وكسرها، لقب ملك الفرس، وذكره ثعلب بكسر الكاف، وقال الفراء: الكسر أكثر من الفتح، وأنكر أبو زيد الأنصاري الفتح، وقال ابن الأعرابي: الكسر أفصح وكان أبو حاتم يختار الكسر، وقال القزاز: الجمع كسور وأكاسرة وكياسرة والقياس أن يجمع كسرون، كما يجمع موسى موسون، وعن أبي إسحاق الزجاج أنه أنكر على أبي العباس قوله: كسرى، بكسر الكاف، قال: وإنما هو كسرى بالفتح وقال: ألا تراهم يقولون: كسروي، وقال ابن فارس: لا اعتبار بالنسبة، فقد يفتح في النسبة ما هو مكسور في الأصل أو مضموم فيقال في: ثعلبي بالفتح، ثعلبي بالكسر، وفي أموي بالضم، أموي بالفتح، ومع هذا فإنه معرب خسر، ومعناه واسع الملك. فكيف عربه المعرب، إذا لم يخرج عن بناء كلام العرب، فهو جائز، وفي (المجمل) قال أبو عمرو: ينسب إلى كسرى، بكسر الكاف: كسرى وكسروي، وذكر اللحياني أن معناه: شاهان شاه، وهو اسم لكل من ملك الفرس. قوله: (وقيصر)، مبتدأ، وقوله: (ليهلكن) خبره، وهو غير منصرف للعلمية والعجمة، ويروى: قيصر، بعد النفي بالتنوين لزوال العلمية بالتنكير، وكذا الكلام في كسرى، وإنما قال في كسرى، هلك بلفظ الماضي وفي قيصر بلفظ المضارع لأن كسرى الذي كان في عهده صلى الله عليه وسلم كان هالكا حينئذ، وأما قيصر فكان حيا إذ ذاك. فإن قلت: قد كان بعدهما غيرهما. قلت: ما قام لهم الناموس على الوجه الذي قبل ذلك. قلت: روى مسلم من رواية الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: قد مات كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتتنفقن كنوزهما في سبيل الله. وروى الترمذي من حديث الزهري أيضا عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده.. الحديث، وبين اللفظين
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»