عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٢٧٨
061 ((باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من يخشى معرته)) أي: هذا باب في بيان ما يجوز إلى آخره. قوله: (مع من يخشى)، على بناء المعلوم، ويجوز أن يكون على صيغة المجهول، فعلى الأول: معرفته، منصوب وعلي الثاني، مرفوع. والمعرة، بفتح الميم والعين المهملة وتشديد الراء: الشدة وما يكره من فساد.
3303 قال حدثنا الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبي بن كعب قبل ابن صياد فحدث به في نخل فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل طفق يتقي بجذوع النخل وابن صياد في قطيفة له فيها رمرمة فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا صاف هذا محمد فوثب ابن صياد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركته بين.
.
مطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ من قوله: (طفق يتقي بجذوع النخل) لأن معناه: شرع يخفي نفسه بجذوع النخل حتى لا تراه أم ابن صياد، وهذا احتيال وحذر، لأن أم ابن صياد ممن يخشى معرته، ولم أر أحدا من الشراح ذكر هنا المطابقة بين الترجمة والحديث، وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.
والليث هو ابن سعد، وعقيل، بضم العين: ابن خالد، وهذا التعليق وصله الإسماعيلي من طريق يحيى بن بكير وأبي صالح، كلاهما عن الليث، وقد مضى قصة ابن صياد مطولة في كتاب الجنائز في: باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟.
قوله: (قبل ابن صياد)، بكسر القاف وفتح الباء الموحدة، أي: ناحيته وجهته، قوله: (فحدث به)، على صيغة المجهول، والضمير في: به، يرجع إلى ابن صياد. قوله: (في نخل)، حال من الضمير المجرور، والمعنى: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بابن صياد، والحال أنه في نخل. قوله: (طفق يتقي)، قد مر تفسيره الآن. قوله: (في قطيفة)، وهي: الكساء المخمل. قوله: (له فيها)، أي: لابن صياد في القطيفة (رمرمة) براءين، وهو الصوت، ويروى بالزايين. قوله: (يا صاف)، صاف اسم ابن صياد، بضم الفاء وكسرها. قوله: (لو تركته بين)، أي: لو تركته أمه بحيث لا تعرف قدوم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولم يندهش منه، بين لكم باختلاف كلامه ما يهون عليكم أمره، وقد سبقت مباحثه مستقصاة في كتاب الجنائز في الباب المذكور.
161 ((باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق)) أي: هذا باب في بيان ما جاء من إنشاء الرجز في الحرب، والرجز، بفتح الراء والجيم وفي آخره زاي: وهو بحر من بحور الشعر، وهو معروف، ونوع من أنواع الشعر يكون كل مصراع منه مفردا، وتسمى قصائده أراجيز، واحدتها أرجوزة، فهو كهيئة السجع إلا أنه في وزن الشعر، ويسمى قائله: راجزا، كما يسمى قائل بحور الشعر: شاعرا، ولم يعده الخليل شعرا. وقال ابن الأثير: والرجز ليس بشعر عند أكثرهم. قوله: (ورفع)، مجرور عطفا على لفظ: الرجز، أي: وفي بيان ما جاء من رفع الصوت في حفر الخندق، وهو الذي حفره الصحابة من المهاجرين والأنصار يوم الأحزاب، وكانوا ينقلون التراب على ظهورهم وينشدون الأراجيز، على ما مر في كتاب الجهاد في: باب حفر الخندق، وكانت عادة العرب باستعمال الأراجيز في الحروب لأنها تزيد النشاط وتهيج الهمم.
فيه سهل وأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أي: مما جاء في هذا الباب، روى سهل بن سعد الأنصاري الساعدي، رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ووصل البخاري حديثه في غزوة الخندق وفيه:
* اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة * قوله: (وأنس)، بالرفع عطف على سهل، وحديثه مضى في: باب حفر الخندق، ووصله عن أبي معمر عن عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنس، رضي الله تعالى عنه.
وفيه:
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»