قيل: دخول هذا الحديث هنا لا وجه له، لأنه لا يطابق واحدا من جزئي الترجمة. وأجيب: بأنه أثبت أن شبويه قبل هذا الحديث لفظ: باب بغير ترجمة فعلى هذا يكون له وجه من حيث أن الرامي لا يستغني عن شيء بقي به نفسه من سهام من يقصده. قلت: هذا لا يخلو عن تعسف، والأوجه أن يقال: وجه المناسبة أن فيه ذكر الرمي، وكذلك الحديث المذكور في أول الباب فيه ذكر الرمي، فهذا القدر كاف في ذلك.
وقبيصة بفتح القاف هو ابن عقبة، قد تكرر ذكره، وزعم أبو نعيم في (مستخرجه) أن لفظ قبيصة هنا تصحيف من الكاتب، وأن الصواب: حدثنا قتيبة، وسفيان هو ابن عيينة. قلت: كأنه علل بأن المراد من سفيان هنا هو الثوري، وأن قتيبة لم يسمع من الثوري، ولكن لا مانع أن يكون لكل واحد من السفيانين هذا الحديث.
وقد أخرج البخاري في الأدب هذا الحديث من طريق يحيى القطان عن سفيان الثوري، وأخرجه في المغازي أيضا عن أبي نعيم وعن بسرة ابن صفوان، وأخرجه مسلم في الفضائل عن منصور بن أبي مزاحم وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن أبي كريب وإسحاق بن إبراهيم وعن ابن أبي عمر عن سفيان بن عيينة وعن ابن المثنى وابن بشار، وأخرجه الترمذي في المناقب عن محمود بن غيلان. وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن بندار عن يحيى عن سفيان وعن محمد بن المثنى عن يحيى وعن إسحاق بن إبراهيم به مختصرا. وأخرجه ابن ماجة في السنة عن بندار عن غندر به. قوله: (يفدى)، مضارع فداه، إذا قال له: جعلت فداك، وكذا فداه بنفسه، وقال الجوهري: الفداء إذا كسر أوله يمد ويقصر وإذا فتح فهو مقصور يقال: قم فدى لك أبي. قوله: (بعد سعد) أي: سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة، وقال الخطابي: التفدية من رسول الله، صلى الله عليه وسلم دعاء، وأدعيته خليق أن تكون مستجابة، وادعى المهلب أن هذا مما خص به سعد، وليس كذلك، ففي (الصحيحين)، أنه فدى الزبير بذلك، ولعل عليا، رضي الله تعالى عنه لم يسمعه، وقال النووي: وقد جمعهما لغيرهما، أيضا، والتفدية بذلك جائزة عند الجمهور، وكرهه عمر بن الخطاب والحسن البصري، وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه، والصحيح الجواز مطلقا، لأنه ليس فيه حقيقة فداء، وإنما هو بر ولطف وإعلام بمحبته له، وقد وردت الأحاديث الصحيحة بالتفدية مطلقا. فإن قلت: روى أبو سلمة عن ابن المبارك عن الحسن: دخل الزبير، رضي الله تعالى عنه، على رسول الله، صلى الله عليه وسلم وهو شاك، فقال: كيف تجدك جعلني الله فداك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما تركت أعرابيتك بعد، وقال الحسن: لا ينبغي أن يفدي أحد أحدا، ورواه المنكدر عن أبيه محمد بن المنكدر، قال: دخل الزبير... فذكره. قلت: هذا غير صحيح لأن الأول مرسل والثاني ضعيف، وقال الطبري، هذه أخبار واهية، لأن مراسيل الحسن أكثرها صحف غير سماع، وإذا وصل الأخبار فأكثر روايته عن مجاهيل لا يعرفون، والمنكدر بن محمد بن المنكدر عند أهل النقل لا يعتمد على نقله، وعلى تقدير الصحة ليس فيه النهي عن ذلك، والمعروف من قول القائل إذا قال: فلان لم يترك أعرابيته، أنه نسبه إلى الجفاء لا إلى فعل ما لا يجوز، وأعلمه أن غيره من القول والتحية ألطف وأرق منه دعاء. قوله: (فداك أبي وأمي) أي: مفدى لك أبي وأمي: فقوله: أبي، مبتدأ، وأمي عطف عليه، و: فداك، خبره مقدما، وقد يوهم هذا القول أن فيه إزراء بحق الوالدين، وإنما جاز ذلك لأنهما ماتا كافرين، وسعد مسلم ينصر الدين ويقاتل الكفار، فتفديته بكل كافر غير محذور، قاله الخطابي. قلت: القول بأنهما ماتا كافرين غير جيد، لما قيل: إن الله أحياهما لأجله، صلى الله عليه وسلم، بل الوجه في هذا أن هذا القول بالتفدية لأجل إظهار البر والمحبة، كما ذكرناه، وللأبوة حرمة كيف كانت، وعن مالك: من آذى مسلما في أبويه الكافرين عوقب وأدب لحرمتهما عليه.
18 ((باب الدرق)) أي: هذا باب في بيان مشروعية اتخاذ الدرق، وهو جمع: درقه، وهي الحجفة، ويقال: هو الترس الذي يتخذ من الجلود.
6092 حدثنا إسماعيل قال حدثني ابن وهب قال عمر و حدثني أبو الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها دخل علي رسول الله، صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث