مطابقته للترجمة في قوله: (ارموا بني إسماعيل) وفي قوله: (ارموا) في موضعين أيضا. وفيه تحريض على الرمي أيضا.
وحاتم بن إسماعيل أبو إسماعيل الكوفي؛ سكن المدينة، ويزيد من الزيادة ابن أبي عبيد مصغر عبد مولى سلمة بن الأكوع، والأكوع اسمه: سنان بن عبد الله الأسلمي.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في أحاديث الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، عن قتيبة وفي مناقب قريش عن مسدد.
قوله: (من أسلم) أي: من بني أسلم، القبيلة المشهورة، وهي بلفظ: أفعل التفضيل من السلامة. قوله: (ينتضلون) بالضاد المعجمة أي يترامون، يقال: انتصل القوم إذا رموا للسبق والنضال. قوله: (ارموا بني إسماعيل) أي: يا بني إسماعيل، وحرف النداء محذوف، وفي كتاب ابن مطير من حديث أبي العالية عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بنفر يرمون، فقال: (رميا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا). وفي (صحيح ابن حبان): عن أبي هريرة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم يرمون، فقال: إرموا بني إسماعيل فأن أباكم كان راميا، إرموا وأنا مع ابن الأدرع، فأمسك القوم قسيهم، قالوا: من كنت معه غلب، قال: إرموا وأنا معكم كلكم. انتهى. واسم ابن الأدرع: محجن، قاله ابن عبد البر، وحكى ابن منده: أن اسمه سلمة، قال: والأدرع لقب، واسمه ذكوان، والله أعلم. قوله: (فإن أباكم كان راميا)، وذكر ابن سعد من طريق ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم: أخبرني بكر بن سوادة سمع علي بن رباح، يقول: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: كل العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم، عليهما الصلاة والسلام، وفي كتاب الزبير: حدثني إبراهيم الحزامي حدثني عبد العزيز بن عمران عن معاوية بن صالح الحميري عن ثور عن مكحول قال صلى الله عليه وسلم: العرب كلها بنو إسماعيل إلا أربع قبائل: السلف والأوزاع وحضرموت وثقيف، ورواه صاعد في كتاب (الفصوص) تأليفه، من حديث عبد العزيز ابن عمران عن معاوية: أخبرني مكحول عن مالك بن يخامر وله صحبة، فذكره. قوله: (وأنا مع بني فلان) قد مر في حديث أبي هريرة: وأنا مع ابن الأدرع، ووقع في رواية الطبراني: وأنا مع محجن بن الأدرع. قوله: (قالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟) من القائلين هذا نضلة الأسلمي، ذكره ابن إسحاق في المغازي عن سفيان بن فروة الأسلمي عن أشياخ من قومه من الصحابة، قال: بينا محجن بن الأدرع يناضل رجلا من أسلم يقال له: نضلة... فذكر الحديث. وفيه، فقال نضلة، وألقى قوسه من يده: والله لا أرمي معه وأنت معه. قوله: (وأنا معكم كلكم) بكسر اللام، وسئل: كيف كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم مع الفريقين وأحدهما غالب والآخر مغلوب؟ وأجيب بأن المراد منه معية القصد إلى الخير وإصلاح النية والتدرب فيه للقتال.
وفي الحديث دلالة على رجحان قول من قال من أهل النسب: إن اليمن من ولد إسماعيل وأسلم من قحطان. وفيه: إطلاق الأب على الجد وإن علا. وفيه: أن السلطان يأمر رجاله بتعلم الفروسية ويحض عليها خصوصا الرمي بالسهام.
وقد وردت فيه أحاديث تدل على فضله والتحريض عليه. فمنها ما رواه الترمذي عن أبي نجيح، يعني عمرو بن عنبسة يرفعه: من رمى بسهم في سبيل الله فهو له عدل محرر، وقال: حسن صحيح. ومنها: ما رواه النسائي عن كعب بن مرة: من رمى بسهم في سبيل الله فبلغ العدو، أو لم يبلغ، كان له كعتق رقبة. ومنها: ما رواه ابن حبان عن كعب بن مرة: هذا، قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: من بلغ العدو بسهم رفع الله له درجة، فقال له عبد الرحمن بن النحام، وما الدرجة يا رسول الله؟ قال: أما إنها ليست بعتبة أمك، ما بين الدرجتين مائة عام. ومنها: ما ذكره في (الخلعيات) من حديث الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس: يدخل الله بالسهم الجنة ثلاثة: الرامي به وصانعه والمحتسب به. وفي لفظ: من اتخذ قوسا عربية وجفيره يعني: كنانته نفى الله عنه الفقر، وفي لفظ: أربعين سنة. قلت: ذكر الخطيب أن الخسن هذا هو ابن أبي الحسناء. ومنها: ما رواه أبو داود من حديث أبي راشد الحبراني عن علي، رضي الله تعالى عنه، رأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم رجلا يرمي بقوس فارسية، فقال: إرم بها، ثم نظر إلى قوس عربية، فقال: عليكم بهذه وأمثالها فإن بهذه يمكن الله لكم في البلاد ويزيدكم في النصر، وذكر البيهقي عن أبي عبد الرحمن بن عائشة، أنها قالت: قال قال أهل العلم، إنما نهى عن القوس الفارسية لأنها إذا انقطع وترها لم ينتفع بها صاحبها، والعربية إذا انقطع وترها كانت له عصا ينتفع بها.