عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ١٨٤
ظن أنه استحيى منهم، وهذا أولى لقوله: يلعبون عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم. وفيه: جواز مثل هذا اللعب في المسجد إذا كان فيما يشمل الناس لعبه.
08 ((باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه)) أي: هذا باب في ذكر المجن، وهو بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون، وهو الدرقة. وقال ابن الأثير: هو الترس لأنه يواري حامله أي يستره، والميم زائدة. قوله: (ومن يتترس) أي: وفي ذكر من يتترس أي: يستتر بترس صاحبه 2092 حدثنا أحمد بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا الأوزاعي عن إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال كان أبو طلحة يتترس مع النبي صلى الله عليه وسلم بترس واحد وكان أبو طلحة حسن الرمي فكان إذا رمى تشرف النبي صلى الله عليه وسلم فينظر إلى موضع نبله.
مطابقته للترجمة ظاهرة في المجن والتستر بترس صاحبه.
وأحمد بن محمد أبو حسن الخزاعي المروزي، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي، والأوزاعي: هو عبد الرحمن وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة واسمه: زيد بن سهل الأنصاري ابن أخي أنس بن مالك، وسيأتي بأتم من هذا في غزوة أحد.
قوله: (يتترس مع النبي صلى الله عليه وسلم بترس واحد) لأن الرامي لا يمسك الترس لأنه يرمي بيديه جميعا فيستره رسول الله، صلى الله عليه وسلم لئلا يرمي، وكان حسن الرمي، وانكسر في يده قوسان أو ثلاثة، وفي رواية أنه كان يقول لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا تنصرف فيصيبك العدو ونحري دون نحرك. وفي حديث سهل: لما أصيب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم يوم أحد بما ذكر من كسر البيضة والرباعية، وهي السن التي بين الثنية والناب وأدمى وجهه عتبة بن أبي وقاص أخو سد، ورماه بان قميئة، وقال: خذنا وأنا ابن قميئة، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أقماك الله في النار). فدخل بعد ذلك في صبرة غنم فنطحه تيس منها وراءه فلم يوجد له مكان، وأراد أبي بن خلف أن يرميه فأراد أبو طلحة أن يحول بينه وبينه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كما أنت، ورمى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأصابه تحت سابغة الدرع في نحره فمات من يومه. قوله: (تشرف)، يقال تشرف الرجل إذا تطلع على شيء من فوق، ويروى (يشرف)، بضم الياء من الإشراف.
3092 حدثنا سعيد بن عفير قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمان عن أبي حازم عن سهل قال لما كسرت بيضة النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه وأدمي وجهه وكسرت رباعيته وكان علي يختلف بالماء في المجن وكانت فاطمة تغسله فلما رأت الدم يزيد على الماء كثرة عمدت إلى حصير فأحرقتها وألصقتها على جرحه فرقأ الدم.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (في المجن). ويعقوب وأبو حازم سلمة، وسهل بن سعد قد مضوا عن قريب.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الطب عن قتيبة. وأخرجه مسلم في المغازي عن قتيبة، وقد مضى الكلام الآن في قوله: (لما كسرت بيضة النبي صلى الله عليه وسلم) إلى قوله: (وكان علي) والبيضة، بفتح الباء: الخودة.
قوله: (وكان علي) رضي الله تعالى عنه (يختلف بالماء) مرة بعد أخرى. قوله: (كثرة)، نصب على التمييز. قوله: (عمدت)، أي: قصدت. قوله: (فرقأ الدم)، بفتح الراء وبالهمز، أي: فسكن عن الجري. وقال صاحب (الأفعال): يقال: رقأ الدم والدمع إذا سكن بعد جريه.
وفيه: امتحان الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وإبلاؤهم ليعظم بذلك أجرهم ويكون أسوة بمن ناله جرح وألم من أصحابه فلا يجدون في أنفسهم مما نالهم غضاضة، ولا يجد الشيطان السبيل إليهم بأن يقول لهم: تقتلون أنفسكم وتحملون الآلام في صون هذا، وإذا أصابه ما أصابهم فقدت هذه المكيدة من اللعين وتأسى الناس به وجدوا في مساواتهم له في جميع أحوالهم. وفيه: خدمة
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»