عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ١٨٩
رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فلما قفل رسول الله، صلى الله عليه وسلم قفل معه فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة وعلق بها سيفه ونمنا نومة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا وإذا عنده أعرابي فقال أن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا فقال من يمنعك مني فقلت الله ثلاثا ولم يعاقبه وجلس.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (فنزل تحت سمرة وعلق بها سيفه) وفائدة هذه الترجمة بيان شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن توكله بالله وصدق يقينه وإظهار معجزته وبيان عفوه وصفحه عمن يقصده بسوء.
وأبو اليمان: هو الحكم بن نافع، وشعيب ابن أبي حمزة، والزهري هو محمد بن مسلم، وسنان: بكسر السين المهملة وتخفيف النون: ابن سنان، واسمه: يزيد بن أبي أمية الدؤلي، بضم الدال وفتح الهمزة: نسبة إلى الدئل من كنانة، ويقال: الدؤلي، بضم الدال وسكون الواو، وهو في قبائل في ربيعة وفي الأزد وفي الرباب، وقال الأخفش، فيما حكاه أبو حاتم السختياني: جاء حرف واحد شاذ على وزن: فعل، وهو: الدئل، بضم الدال وكسر الهمزة، وهو دويبة صغيرة تشبه ابن عرس، وقال سيبويه: ليس في كلام العرب في الأسماء ولا في الصفات بنية على وزن: فعل، وإنما ذلك من بنية الفعل.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن أبي اليمان أيضا، وعن موسى بن إسماعيل وعن إسماعيل بن أبي أويس. وأخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم عن محمد بن جعفر الوركاني وعن أبي بكر محمد بن إسحاق وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي. وأخرجه النسائي في السير عن محمد بن إسماعيل وعن عمرو بن منصور عن أبي اليمان، هذا في ترجمة سنان.
وفي ترجمة أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أخرجه البخاري أيضا في الجهاد وفي المغازي عن محمود عن عبد الرزاق. وأخرجه مسلم أيضا في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، عن عبد بن حميد وعن أبي بكر بن أبي شيبة.
ذكر معناه: قوله: (غزا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم قبل نجد)، بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي: ناحية نجد، وهي ما بين الحجاز إلى الشام إلى العذيب، فالطائف من نجد والمدينة من نجد وأرض اليمامة والبحرين إلى عمان العروض. وقال ابن دريد: نجد بلد للعرب، وعند الإسماعيلي: قبل أحد، وذكر ابن إسحاق أن ذلك كان في غزوته إلى غطفان لثنتي عشرة مضت من صفر، وقيل: في ربيع الأول سنة اثنتين، وهي غزوة ذي أمر، بفتح الهمزة والميم، وهو موضع من ديار غطفان، وسماها الواقدي: غزوة أنمار، ويقال: كان ذلك في غزوة ذات الرقاع. قوله: (فلما قفل)، أي: رجع. قوله: (القائلة)، مر تفسيرها عن قريب. قوله: (العضاه)، بكسر العين على وزن: شياه، قال ابن الأثير: العضاه شجر أم غيلان، وكل شجر عظيم له شوك، الواحدة عضة بالتاء وأصلها: عضهة، وقيل: واحدتها عضاهة. قوله: (تحت سمرة)، السمرة، بفتح السين المهملة وضم الميم: واحدة السمر، وهو من شجر الطلح، وروى ابن أبي شيبة من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: كنا إذا نزلنا طلبنا النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الشجر، قال: فنزلنا تحت سمرة، فجاء رجل وأخذ سيفه، وقال: يا محمد من يعصمك مني؟ فأنزل الله عز وجل * (والله يعصمك من الناس) * (المائدة: 76). قوله: (وإذا عنده أعرابي) واسمه: غورث، بفتح الغين المعجمة وسكون الواو وفتح الراء وبالثاء المثلثة: ابن الحارث، وسماه الخطيب: غورك، بالكاف موضع الثاء، وقال الخطابي: غويرث بالتصغير، وذكر عياض أنه مضبوط عند بعض رواة البخاري بعين مهملة، قال: وصوابه المعجمة، قال الجيلاني: هو فوعل من الغوث وهو الجوع، وقال ابن إسحاق: لما نزل رسول الله، صلى الله عليه وسلم تحت شجرة نزع ثوبيه ونشرهما على الشجرة ليجفا من مطر أصابه، واضطجع تحتها، فقال الكفار لدعثور، وكان سيدهم وكان شجاعا: قد انفرد محمد فعليك به، فأقبل ومعه صارم حتى قام على رأسه فقال: من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: فدفع جبريل، عليه الصلاة والسلام، في صدره فوقع السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»