عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ١٠٩
(وما كان المؤمنون لينفروا كافة)، وقال النحاس: ذهب غيره أنه ليس هنا ناسخ ولا منسوخ، وأن الآية الأولى توجب إذا نفر النبي، صلى الله عليه وسلم أو احتيج إلى المسلمين واستنفروا لم يسع أحد التخلف، وإذا بعث النبي، صلى الله عليه وسلم سرية خلفت طائفة.
1182 حدثنا إسحاق قال أخبرنا محمد بن المبارك قال حدثنا يحيى ابن حمزة قال حدثني يزيد بن أبي مريم قال أخبرنا عباية بن رافع بن خديج قال أخبرني أبو عبس هو عبد الرحمان بن جبر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار.
(انظر الحديث 709).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وقد مضى هذا الحديث في كتاب صلاة الجمعة في: باب المشي إلى الجمعة، فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله عن الوليد بن مسلم عن يزيد بن أبي مريم عن عبابة بن رفاعة، قال: أدركني أبو عبس، وأنا أذهب إلى الجمعة فقال: سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار. وأبو عبس كنية: عبد الرحمن ابن جبر بن عمرو بن زيد الأنصاري، وقد مر الكلام فيه هناك. وإسحاق هو ابن منصور، قال الجياني: نسبه الأصيلي إلى ابن منصور، ويزيد بالياء آخر الحروف، وعباية، بفتح العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة، ورفاعة بكسر الراء وتخفيف الفاء ابن رافع بالفاء وبالعين المهملة وأبو عبس بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة وفي آخره سين مهملة وجبر بفتح الجيم وسكون البارء الموحدة. قوله: (من اغبرت)، كذا هو على الأصل في رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي (ما اغبرتا)، وهي لغة.
71 ((باب مسح الغبار عن الناس في السبيل)) أي: هذا باب في بيان عدم كراهة مسح الغبار عن رأس الناس حال كونه في سبيل الله، نحو الجهاد وغيره من أبواب الطاعة. ووقع في بعض النسخ: عن الناس، قيل: هذا تصحيف، والصواب: عن الرأس. قلت: لا وجه لدعوى التصحيف، لأنه إذا كره مسح الغبار عن رأس من كان في سبيل الله فكذلك في مسحه عن غير الرأس.
2182 حدثنا إبراهيم بن موسى قال أخبرنا عبد الوهاب قال حدثنا خالد عن عكرمة أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله ائتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما يسقيان فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس فقال كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة وكان عمار ينقل لبنتين فمر به النبي صلى الله عليه وسلم ومسح عن رأسه الغبار وقال ويح عمار تقتله الفئة الباغية عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار.
(انظر الحديث 344).
مطابقته للترجمة في قوله: (ومسح عن رأسه الغبار) وإبراهيم بن موسى بن يزيد أبو إسحاق الرازي، يعرف بالصغير وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وخالد هو الحذاء.
والحديث قد مر في كتاب الصلاة في: باب التعاون في بناء المسجد. قوله: (وهو وأخوه)، قال الحافظ الدمياطي: لم يكن لأبي سعيد أخ بالنسب إلا قتادة بن النعمان الظفري، فإنه كان أخاه لأمه، وقتادة مات زمن عمر، رضي الله تعالى عنه، وكان عمر أبي سعيد أيام بناء المسجد عشر سنين أو دونها. وقال الكرماني: إن صح ذلك فالمراد به أخوه من الرضاعة، ولا أقل من أخ في الإسلام: * (إنما المؤمنون أخوة) * (الحجرات: 01). قلت: بنى جوابه هذا على قوله: إن صح ذلك ولم يصح ذلك فلا يصح الجواب. قوله: (فاحتبى)، يقال: احتبى الرجل إذا جمع ظهره وساقيه بعمامته، وقد يحتبي بيده. قوله: (عن رأسه)، ويروى على رأسه، وهو متعلق بالغبار، أي: الغبار الذي على رأسه. قوله: (ويح)، كلمة رحمة منصوب بإضمار فعل. قوله: (يدعوهم إلى الله)، قال ابن بطال: يريد والله أعلم أهل مكة الذين أخرجوا عمارا من دياره وعذبوه في ذات الله، قال: ولا يمكن أن يتأول ذلك على المسلمين، لأنهم أجابوا دعوة الله عز وجل، وإنما يدعى إلى الله من
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»