عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٢١
بن الزبير، وقد ميز بينهما في رواية أبي يعلى، فعباد بن بشر صحابي جليل، وعباد بن عبد الله تابعي من وسط التابعين، قال الكرماني: وفي بعض النسخ: فسمع صوت عباد بن تميم، وهو سهو. قوله: (لصوت عباد هذا؟)، فقوله: هذا، مبتدأ و: لصوت عباد، مقدما خبره، واللام فيه للتأكيد.
وفيه: جواز رفع الصوت في المسجد بالقراءة في الليل. وفيه: الدعاء لمن أصاب الإنسان من جهته خيرا وإن لم يقصده ذلك الإنسان. وفيه: جواز النسيان على النبي، صلى الله عليه وسلم فيما قد بلغه إلى الأمة.
6562 حدثنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة قال أخبرنا ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم أن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن أو قال حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم وكان ابن أم مكتوم رجلا أعماى لا يؤذن حتى يقول له الناس أصبحت.
.
مطابقته للترجمة من حيث إنهم كانوا يعتمدون على صوت الأعمى. والحديث قد مضى في: باب أذان الأعمى. وفي باب الأذان بعد الفجر، وفي: باب الأذان قبل الفجر، وقد مضى الكلام فيه هناك.
7562 حدثنا زياد بن يحيى قال حدثنا حاتم بن وردان قال حدثنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة رضي الله تعالى عنهما قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أقبية فقال لي أبي مخرمة انطلق بنا إليه عسى أن يعطينا منها شيئا فقام أبي على الباب فتكلم فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه قباء وهو يريه محاسنه وهو يقول خبأت هاذا لك خبأت هاذا لك..
مطابقته للترجمة من حيث إن النبي، صلى الله عليه وسلم اعتمد على صوت مخرمة قبل أن يرى شخصه، وزياد، بكسر الزاي وتحفيف الياء آخر الحروف: ابن يحيى بن زياد أبو الخطاب البصري، مات سنة أربع وخمسين ومائتين، وحاتم بن وردان على وزن فعلان من الورود أبو صالح البصري، مات سنة أربع وثمانين ومائة.
والحديث مضى في كتاب الهبة في: باب كيف يقبض العبد والمتاع، ومقصود البخاري من هذه الترجمة ومن الأحاديث التي أوردها فيها بيان جواز شهادة الأعمى. وقال الإسماعيلي: ليس في جميع ما ذكره دلالة على قبول شهادة الأعمى فيما يحتاج إلى إثبات الأعيان، أما نكاح الأعمى فإنه في نفسه، لأنه في زوجته وأمته لا لغيره فيه.
وأما ما رواه في التأذين فقد أخبر أنه كان لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت، وكفى بخبر سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم شاهدا له، فإنه لا يؤذن حتى يصبح، والاعتماد على الجمع الذي يخبرونه بالوقت. وأما ما قاله عن الزهري في ابن عباس فهو تأويل لا احتجاج. وأما ما ذكر من سماع النبي، صلى الله عليه وسلم قراءة رجل بيان أن كل صائت، وإن لم ير مصوته، يعرف بصوته. وإما ما ذكره من قصة مخرمة فإنما يريه محاسن الثوب مسا لا إبصارا له بالعين.
قال صاحب (التلويح): وفيه نظر من حيث إن الجماعة الذين ذكرهم البخاري أجازوا شهادة الأعمى، فهو دليل البخاري. انتهى. وقال ابن حزم: شهادة الأعمى مقبولة كالصحيح، روي ذلك عن ابن عباس، وصح عن الزهري وعطاء والقاسم والشعبي وشريح وابن سيرين والحكم بن عتيبة وربيعة ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج وأحد قولي الحسن وأحد قولي إياس بن معاوية وأحد قولي ابن أبي ليلى وهو قول مالك والليث وأحمد وإسحاق وأبي سليمان وأصحابنا.
وقالت طائفة: تجوز شهادته فيما عرف قبل العمى ولا تجوز فيما عرف بعد العمى، وهو أحد قولي الحسن وأحد قولي ابن أبي ليلى. وهو قول أبي يوسف والشافعي وأصحابه. وقالت طائفة: تجوز في الشيء اليسير، روي ذلك عن النخعي. وقالت طائفة: لا تقبل في شيء أصلا إلا في الأنساب وهو قول زفر، وعند أبي حنيفة لا تقبل في شيء أصلا.
وفي (التوضيح): فحصلنا فيه على ستة مذاهب: المنع المطلق،
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»