لكنه إذا أخرج عنه سماه، و عبد الرحمن بن أبي بكرة يروي عن أبيه أبي بكرة واسمه: نفيع، بضم النون: الثقفي.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في استتابة المرتدين عن مسدد أيضا وفي الاستئذان عن علي بن عبد الله ومسدد، وفي الأدب عن إسحاق ابن شاهين، وفي استتابة المرتدين أيضا عن قيس بن حفص، وأخرجه مسلم في الإيمان عن عمرو الناقد، وأخرجه الترمذي في البر وفي الشهادات، وفي التفسير عن حميد بن مسعدة.
ذكر معناه: قوله: (ألا أنبئكم) أي: ألا أخبركم، وألا، بفتح الهمزة وتخفيف اللام، للتنبيه هنا ليدل على تحقق ما بعدها. قوله: (ثلاثا) أي: قال لهم: (ألا أنبئكم) ثلاث مرات، وإنما كرره تأكيدا ليتنبه السامع على إحضار فهمه، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم إعادة حديثه ثلاثا ليفهم عنه. قوله: (الإشراك بالله)، مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: أكبر الكبائر الإشراك بالله، لأنه لا ذنب أعظم من الإشراك بالله. قوله: (وعقوق الوالدين)، إنما ذكر هذا (وقول الزور) مع الإشراك بالله، مع أن الشرك أكبر الكبائر بلا شك لأنهما يشابهانه من حيث إن الأب سبب وجوده ظاهرا وهو يريبه، ومن حيث إن المزور يثبت الحق لغير مستحقه، فلهذا ذكرهما الله تعالى حيث قال: * (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) * (الحج: 03). قوله: (وجلس) أي: للاهتمام بهذا الأمر، وهو يفيدنا تأكيد تحريمه وعظم قبحه. قوله: (وكان متكئا)، جملة حالية. وسبب الاهتمام بذلك كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعا على الناس، والتهاون بها أكثر، لأن الحوامل عليه كثيرة: كالعداوة والحقد والحسد... وغير ذلك، فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه، والشرك مفسدته قاصرة، ومفسدة الزور متعدية. قوله: (ألا وقول الزور)، وفي رواية خالد عن الجريري: (ألا وقول الزور، وشهادة الزور). وفي رواية ابن علية: (شهادة الزور أو قول الزور). وقول الزور أعم من أن يكون شهادة زور أو غير شهادة، كالكذب، فلأجل ذلك بوب عليه الترمذي بقوله: باب ما جاء في التغليظ في الكذب والزور، ونحوه. ثم روى حديث أنس المذكور قبل هذا، فالكذب في المعاملات داخل في مسمى قول الزور، لكن حديث خريم بن فاتك الذي رواه أبو داود وابن ماجة من رواية حبيب بن النعمان الأسدي عن خريم بن فاتك. قال: صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما انصرف قام قائما فقال: (عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله، ثلاث مرات). ثم قرأ: * (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به) * (الحج: 03). يدل على أن المراد بقول الزور في آية الحج: شهادة الزور، لأنه قال: (عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله) ثم قرأ: * (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) * (الحج: 03). فجعل في الحديث قول الزور المعادل للإشراك هو شهادة الزور، لا مطلق قول الزور، وإذا عرف أن قول الزور هو الكذب. فلا شك أن درجات الكذب تتفاوت بحسب المكذوب عليه، وبحسب المترتب على الكذب من المفاسد..
وقد قسم ابن العربي الكذب على أربعة أقسام: أحدها: وهو أشدها: الكذب على الله تعالى: قال الله تعالى: * (فمن أظلم ممن كذب على الله) * (الزمر: 93). والثاني: الكذب على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: وهو هو، أو نحوه. الثالث: الكذب على الناس، وهي شهادة الزور في إثبات ما ليس بثابت على أحد، أو إسقاط ما هو ثابت. الرابع: الكذب للناس، قال ومن أشده الكذب في المعاملات، وهو أحد أركان الفساد الثلاثة فيها، وهي: الكذب والعيب والغش، والكذب، وإن كان محرما، سواء قلنا كبيرة أو صغيرة، فقد يباح عند الحاجة إليه، ويجب في مواضع ذكرها العلماء. قوله: (حتى قلنا ليته سكت) إنما قالوا ذلك شفقة على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكراهة لما تزعجه. فإن قلت: الحديث لا يتعلق بكتمان الشهادة، وهو مذكور في الترجمة؟ قلت: علم منه حكمه قياسا عليه، لأن تحريم شهادة الزور لإبطال الحق والكتمان أيضا فيه إبطال له، والله أعلم.
وقال إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا الجريري قال حدثنا عبد الرحمان إسماعيل بن إبراهيم هو المشهور بابن علية، وعلية: بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء آخر الحروف: وهو اسم أمه، مولاة لبني أسد، والجريري مضى عن قريب، وعبد الرحمن هو ابن أبي بكرة المذكور. وهذا التعليق وصله البخاري في استتابة المرتدين، على ما يجيء بيانه، إن شاء الله تعالى.