عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢١٦
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: السماع في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: أن شيخه مروزي وهو من أفراده، وأن وهب بن جرير بصري وأن عبد الملك بن إبراهيم مكي جدي، بضم الجيم وتشديد الدال المهملة، وهو من أفراده، وأن شعبة واسطي سكن البصرة، وأن عبيد الله بصري. قوله: عن عبد الله بن أبي بكر، وفي رواية محمد بن جعفر التي تأتي في الأدب عن محمد بن جعفر عن شعبة حدثني عبيد الله بن أبي بكر سمعت أنس بن مالك. وفيه: رواية الراوي عن جده.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن محمد بن الوليد، وفي الديات عن إسحاق بن منصور، وأخرجه مسلم في الإيمان عن يحيى بن حبيب وعن محمد بن الوليد. وأخرجه الترمذي في البيوع وفي التفسير عن محمد بن عبد الأعلى. وأخرجه النسائي في القضاء وفي القصاص وفي التفسير عن إسحاق بن إبراهيم وعن محمد بن عبد الأعلى.
ذكر معناه: قوله: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم)، ويروى: سئل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفي رواية بهز عن شعبة عند أحمد أو ذكرها، وفي رواية محمد بن جعفر: ذكر الكبائر أو سئل عنها، قوله: (عن الكبائر)، جمع كبيرة وهي الفعلة القبيحة من الذنوب المنهي عنها شرعا. العظيم أمرها: كالقتل والزنا والفرار من الزحف وغير ذلك، وهي من الصفات الغالبة، يعني صار إسما لهذه الفعلة القبيحة، وفي الأصل هي صفة، والتقدير: الفعلة القبيحة أو الخصلة القبيحة، قيل: الكبيرة كل معصية، وقيل: كل ذنب قرن بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب. قلت: الكبيرة أمر نسبي، فكل ذنب فوقه ذنب فهو بالنسبة إليه كبيرة، وبالنسبة إلى ما تحته صغيرة. واختلفوا في الكبائر، وههنا ذكر أربعة، وليس فيه أنها أربع فقط، لأنه ليس فيه شيء مما يدل على الحصر. وقيل: هي سبع، وهي في حديث أبي هريرة: (اجتنبوا السبع الموبقات وهي: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات). وقيل: الكبائر تسع، رواه الحاكم في حديث طويل فذكر السبعة المذكورة، وزاد عليها: (عقوق الوالدين المسلمين، واستحلال الحرام). وذكر شيخنا عن أبي طالب المكي أنه قال: الكبائر سبع عشرة، قال: جمعتها من جملة الأخبار وجملة ما اجتمع من قول ابن مسعود وابن عباس وابن عمر، رضي الله تعالى عنهم، وغيرهم: الشرك بالله، والإصرار على معصيته، والقنوط من رحمته، والأمن من مكره، وشهادة الزور، وقذف المحصن، واليمين الغموس، والسحر، وشرب الخمر، والمسكر، وأكل مال اليتيم ظلما وأكل الربا، والزنا، واللواطة، والقتل، والسرقة، والفرار من الزحف، وعقوق الوالدين. انتهى. وقال رجل لابن عباس: الكبائر سبع؟ فقال: هي إلى سبعمائة. قوله: (الإشراك بالله)، مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف التقدير: الكبائر الإشراك بالله وما بعده عطف عليه، ووجه تخصيص هذه الأربعة بالذكر لأنها أكبر الكبائر والشرك أعظمها. قوله: (وعقوق الوالدين)، العقوق من العق، وهو: القطع، وذكر الأزهري أنه يقال: عق والده يعقه، بضم العين: عقا وعقوقا إذا قطعه، والعاق اسم فاعل، ويجمع على عققة، بفتح الحروف كلها، و: عقق، بضم العين والقاف. وقال صاحب (المحكم): رجل عقق وعقوق وعق وعاق، بمعنى واحد. والعاق هو الذي شق عصا الطاعة لوالديه. وقال النووي: هذا قول أهل اللغة. وأما حقيقة العقوق المحرم شرعا فقل من ضبطه، وقد قال الشيخ الإمام أبو محمد بن عبد السلام: لم أقف في عقوق الوالدين وفيما يختصان به من العقوق على ضابط اعتمد عليه، فإنه لا يجب طاعتهما في كل ما يأمران به ولا ينهيان عنه باتفاق العلماء، وقد حرم على الولد الجهاد بغير إذنهما لما يشق عليهما من توقع قتله أو قطع عضو من أعضائه ولشدة تفجعهما على ذلك،، وقد ألحق بذلك كل سفر يخافان فيه على نفسه أو عضو من أعضائه. وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في (فتاويه): العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالدان تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، قال: وربما قيل: طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية، ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات، وليس قول من قال من علمائنا: يجوز له السفر في طلب العلم وفي التجارة بغير إذنهما مخالفا لما ذكرته، فإن هذا كلام مطلق، وفيما ذكرته بيان لتقييد ذلك المطلق. قوله: (وقتل النفس)، يعني: بغير الحق ويكفي فيه وعيدا قوله تعالى: * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) * (النساء: 39). الآية. قوله: (وشهادة
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»