عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٤٤
رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه قال كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فننحر جزورا فيقسم عشر قسم فنأكل لحما نضيحا قبل أن تغرب الشمس.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (فيقسم عشر قسم) فإن فيه جمع الأنصباء مما يوزن مجازفة. ومحمد بن يوسف هو الفريابي، قاله الحافظ أبو نعيم، والأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمر، وأبو النجاشي، بفتح النون والجيم المخففة وبالشين المعجمة وتشديد الياء وتخفيفها: واسمه عطاء بن صهيب، ورافع، بالفاء: ابن خديج، بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة وبالجيم.
والحديث مضى من هذا الوجه في كتاب مواقيت الصلاة في: باب وقت المغرب، والمتن غير المتن.
قوله: (عشر قسم) بكسر القاف وفتح السين: جمع قسمة. قوله: (لحما نضيجا)، بفتح النون وكسر الضاد المعجمة وفي آخره جيم أي: مستويا. وقال ابن الأثير: النضيج المطبوخ، فعيل بمعنى مفعول.
وفيه: قسمة اللحم من غير ميزان لأنه من باب المعروف، وهو موضوع للأكل. وقال ابن التين: فيه: الحجة على من زعم أن أول وقت العصر مصير ظل الشيء مثليه. وقال الكرماني: إن وقت العصر عند مصير الظل مثليه ليسع هذا المقدار. قلت: هذا مخالف لما قاله ابن التين على ما لا يخفى.
6842 حدثنا محمد بن العلاء قال حدثنا حماد بن أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موساى قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم) ولا يخفى على المتأمل ذلك، وهذا الإسناد بعينه مضى في: باب فضل من علم.
وبريد، بضم الباء الموحدة ابن عبد الله بن أبي بردة يروي عن جده أبي بردة واسمه الحارث، وقيل: عامر، وقيل: اسمه كنيته، يروي عن أبيه أبي موسى الأشعري، واسمه عبد الله بن قيس.
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى الأشعري وأبي كريب. وأخرجه النسائي في السير عن موسى بن هارون.
قوله: (إن الأشعريين) جمع أشعري، بتشديد الياء نسبة إلى الإشعر، قبيلة من اليمن، ويروى: إن الأشعرين، بدون ياء النسبة، وتقول العرب: جاءك الأشعرون بحذف الياء. قوله: (إذا أرملوا)، أي: إذا فني زادهم، من الإرمال، بكسر الهمزة وهو فناء الزاد وإعواز الطعام، وأصله من الرمل، كأنهم لصقوا بالرمل من القلة كما في قوله تعالى: * (ذا متربة) * (البلد: 61). قوله: (فهم مني) أي: متصلون بي، وكلمة: من، هذه تسمى اتصالية، نحو: لا أنا من الدد ولا الدد مني. وقال النووي: معناه المبالغة في اتحاد طريقهما واتفاقهما في طاعة الله تعالى. وقيل: المراد فعلوا فعلي في المواساة.
وفيه: منقبة عظيمة للأشعريين من إيثارهم ومواساتهم بشهادة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأعظم ما شرفوا به كونه أضافهم إليه. وفيه: استحباب خلط الزاد في السفر والحضر أيضا، وليس المراد بالقسمة هنا القسمة المعروفة عند الفقهاء، وإنما المراد هنا إباحة بعضهم بعضا بموجوده. وفيه: فضيلة الإيثار والمواساة. وقال بعضهم: وفيه: جواز هبة المجهول. قلت: ليس شيء في الحديث يدل على هذا، وليس فيه إلا مواساة بعضهم بعضا والإباحة، وهذا لا يسمى هبة، لأن الهبة تمليك المال، والتمليك غير الإباحة، وأيضا: الهبة لا تكون إلا بالإيجاب والقبول لقيام العقد بهما، ولا بد فيها من القبض عند جمهور العلماء من التابعين وغيرهم، ولا يجوز فيما يقسم إلا محوزة مقسومة كما عرف في موضعها.
2 ((باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية في الصدقة)) أي: هذا باب في بيان ما كان من خليطين، أي: مخالطين، وهما الشريكان إذا كان من أحدهما تصرف من إنفاق مال الشركة أكثر مما أنفق صاحبه، فإنهما يتراجعان عند الربح بقدر ما أنفق كل واحد منهما، فمن أنفق قليلا يرجع على من أنفق أكثر منه، لأنه صلى الله عليه وسلم، لما أمر الخليطين في الغنم بالتراجع بينهما
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»