عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١١٥
عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول كلكم راع ومسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته قال فسمعت هؤلاء من النبي صلى الله عليه وسلم قال والرجل في مال أبيه راع ومسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
.
مطابقته للترجمة في قوله: والخادم في مال سيده راع، والمراد من الخادم هنا العبد، وإن كان يتناول غيره ممن يخدم غيره، وأبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي، وشعيب هو ابن أبي حمزة الحمصي، والحديث قد مر في الباب السابق، وفي غيره فيما مضى، وقد بيناه في الباب السابق.
02 ((باب إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه)) أي: هذا باب يذكر فيه: إذا ضرب الرجل عبده لأجل التأديب، فليجتنب وجهه إكراما له، قال المهلب: لأن الله خلقه بيده. قلت: يعني: بقدرته البالغة الكاملة، وسيجئ مزيد الكلام فيه، إن شاء الله تعالى.
9552 حدثنا محمد بن عبيد الله قال حدثنا ابن وهب قال حدثني مالك بن أنس قال وأخبرني ابن فلان عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه.
مطابقته للترجمة من حيث إنه إذا وجب احتناب الوجه عند القتال مع الكافر، فاجتناب وجه العبد المؤمن أوجب.
وأخرج هذا الحديث من طريقين:
أحدهما: عن محمد بن عبيد الله أبي ثابت المدني، مولى عثمان بن عفان، وهو من أفراده، وابن وهب هو عبد الله بن وهب. قوله: (قال وأخبرني ابن فلان)، أي: قال ابن وهب: حدثني مالك وابن فلان، كلاهما عن سعيد المقبري، قيل: لم يصرح باسم ابن وهب لضعفه، قال المزي: يقال: هو ابن سمعان، يعني: عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المدني، وكذا قال أبو نصر الكلاباذي وغيره، وروى عن أبي ذر الهروي في روايته عن المستملي، كذلك، وقد أخرجه الدارقطني في (غرائب مالك) من طريق عبد الرحمن بن خراش، بكسر الخاء المعجمة، عن البخاري قال: حدثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله المدني، فذكر الحديث، لكن قال بدل قوله ابن فلان ابن سمعان، فكأنه لم يصرح باسمه في الصحيح، بل كنى به لأجل ضعفه. وقال الكرماني: ويقال: إن مالكا كذبه، وهو أحد المتروكين. قلت: كذبه أحمد وغيره أيضا وماله في البخاري شيىء إلا هذا الموضع.
الطريق الثاني: عن عبد الله بن محمد بن عبد الله الجعفي البخاري، المعروف بالمسندي عن عبد الرزاق بن همام عن همام بن منبه الأنباري، ولم يسق الحديث على لفظ هذا الطريق. وأخرجه مسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ: فليتق، بدل: فليتجنب، وله من طريق الأعرج عن أبي هريرة بلفظ: إذا ضرب، وكذا في رواية النسائي من طريق عجلان، ولأبي داود من طريق أبي سلمة، كلاهما عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، وقال بعضهم: هذا يفيد على أن لفظ: قاتل، بمعنى: قتل، وأن المفاعلة ليست على ظاهرها. قلت: لا نسلم ذلك، بل باب المفاعلة على حالها ليتناول ما يقع عند أهل العدل مع البغاة، وعند دفع الصائل، فيجتنبون عند ذلك عن الضرب على الوجه، فإذا وجب الاجتناب في مثل هذا الموضع، ففي باب التعزير والتأديب والحدود بطريق الأولى في الوجوب، وقد روى أبو داود وغيره في حديث أبي بكرة في قصة التي زنت فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، برجمها، وقال: إرموا واتقوا الوجه، فإذا كان ذلك في حق من تعين إهلاكه، فمن دونه أولى.
وقال النووي: قال العلماء، إنما نهى عن ضرب الوجه لأنه لطيف
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»