69 ((باب بيع الشريك من شريكه)) أي: هذا باب في بيان حكم بيع الشريك من شريكه.
3122 حدثني محمود قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر رضي الله تعالى عنه قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مال لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.
مطابقته للترجمة من حيث إن الشفعة لا تقوم إلا بالشفيع، وهو إذا أخذ الدار المشتركة بينه وبين رجل حين باع ما يخصه بالشفعة فكأنه اشتراه من شريكه فصدق عليه أنه بيع الشريك من الشريك. ومحمود هو ابن غيلان، بالغين المعجمة، وعبد الرزاق ابن همام، ومعمر ابن راشد، والزهري محمد بن مسلم، وأبو سلمة ابن عبد الرحمان.
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن محمد بن محبوب وفيه وفي الشركة وفي الشفعة عن مسدد، وفي الشركة وفي ترك الحيل عن عبد الله بن محمد. وأخرجه أبو داود في البيوع أيضا عن أحمد بن حنبل. وأخرجه الترمذي في الأحكام عن عبد بن حميد. وأخرجه ابن ماجة فيه عن عبد الرزاق به.
ذكر معناه: قوله: (في كل مال لم يقسم)، وفي رواية للبخاري، على ما يأتي عن قريب في كل ما لم يقسم، ورواه أحمد في (مسنده) عن عبد الرزاق: في كل ما لم يقسم، ورواه إسحاق بن إبراهيم عنه فقال: في الأموال ما لم يقسم، والمراد من قوله: في كل ما لم يقسم: العقار وإن كان اللفظ عاما، قوله: (فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفقة)، لأنها حينئذ تكون مقسومة غير مشاعة. قوله: (صرفت) على صيغة المجهول، بتشديد الراء وتخفيفها.
ذكر مذاهب العلماء في هذا الباب: مذهب الأوزاعي والليث بن سعد ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور: أن لا شفعة إلا لشريك لم يقاسم، ولا تجب الشفعة بالجوار، واحتجوا بحديث جابر المذكور، واحتجوا أيضا بما رواه الطحاوي من حديث أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (الشفعة في كل شرك بأرض أو ربع أو حائط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع). وأخرجه مسلم وأبو داود أيضا، واحتج الثوري والحسن بن حي وإسحاق وأحمد في رواية، وأبو عبيد والظاهرية: أن أحد الشريكين إذا عرض عليه الآخر فلم يأخذ سقط حقه من الشفعة، وروي ذلك عن الحكم بن عتيبة أيضا.
وقال الطحاوي وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأصحابهم: لا يسقط حقه بذلك، بل له أن يأخذ بعد البيع لأن الشفعة لم تجب بعد، وإنما تجب له بعد البيع، فتركه ما لم يجب له بعد لا معنى له، ولا يسقط حقه إذا وجب. وقال النخعي وشريح القاضي والثوري وعمرو بن حريث والحسن بن حي وقتادة والحسن البصري وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: تجب الشفعة في الأراضي والرباع والحوائط للشريك الذي لم يقاسم ثم للشريك الذي قاسم وقد بقي حق طريقه أو شربه، ثم من بعدهما للجار الملازق وهو الذي داره على ظهر الدار المشفوعة، وبابه في سكة أخرى، وروي عن عطاء أنه قال: الشفعة في كل شيء حتى في الثوب، وحكى مقالة عطاء عن بعض الشافعية ومالك، وأنكره القاضي أبو محمد، وحكى عن مالك وأحمد وجوب الشفعة في السفن، وفي (حاوي) الحنابلة: وكل ما لا يقسم ولا هو متصل بعقار كالسيف والجوهرة والحجر والحيوان وما في معنى ذلك، ففي وجوب الشفعة فيه روايتان ذكرهما ابن أبي موسى، ولا تؤخذ الثمار بالشفعة تبعا، ذكره القاضي. وقال أبو الخطاب، تؤخذ، وعلى ذلك يخرج الزرع، ولا شفعة فيما يقسم من المنقولات بحال. وقال النووي في (الروضة)؛ ولا شفعة في المنقولات سواء بيعت وحدها أم مع الأرض، ويثبت في الأرض سواء بيع الشقص منها وحده أم مع شيء من المنقولات، وما كان منقولا ثم أثبت في الأوض للدوام كالأبنية والأشجار، فإن بيعت منفردة فلا شفعة فيها على الصحيح.