زائدة أو أراد تشبيه محبته بأشد المحبات. قوله: (فقالت: لا تنال ذلك منها) أي: قالت بنت عمه: لا تنال مرادك منها حتى تعطيها مائة دينار، وفيه التفات لأن مقتضى الكلام: لا تنال مني حتى تعطيني، وفي باب المزارعة: فطلبت منها فأبت حتى أتيتها بمائة دينار أي: طلبت من بنت عمي فامتنعت، وقالت: حتى تعطيني مائة دينار، فجمعتها حتى أتيتها بمائة دينار التي طلبتها. قوله: (فسعيت فيها) أي: في مائة دينار (حتى جمعتها) وفي رواية المزارعة: فبغيت حتى جمعتها، أي: فطلبت، من البغي وهو الطلب هكذا في رواية السجري، وفي رواية العذري والسمرقندي وابن ماهان، فبعثت حتى جمعتها. وفي (المطالع): والأول هو المعروف، بالغين المعجمة والياء آخر الحروف دون الثاني، وهو بالعين المهملة والثاء المثلثة. قوله: (فلما قعدت بين رجليها) وفي رواية المزارعة: فلما وقعت بين رجليها. قوله: (قالت: إتق الله)، وفي رواية المزارعة: قالت: يا عبد الله إتق الله، أي: خف الله ولا ترتكب الحرام. قوله: (ولا تقض الخاتم إلا بحقه)، وفي رواية المزارعة: ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، و: لا تفض، بفتح الضاد المعجمة وكسرها، و: الخاتم، بفتح التاء وكسرها، وهو كناية عن بكارتها. قوله: (إلا بحقه) أي: إلا بالنكاح، أي: لا تزل البكارة إلا بحلال. قوله: (فقمت) أي: من بين رجليها وتركتها، يعني لم أفعل بها شيئا، وليس في رواية المزارعة: وتركتها. قوله: (ففرج عنهم الثلثين) أي: ففرج الله عنهم ثلثي الموضع الذي عليه الصخرة، وليس في رواية المزارعة إلا قوله: ففرج، ليس إلا قوله: (اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرا بفرق من ذرة) وفي المزارعة: اللهم إني استأجرت أجيرا بفرق أرز، الفرق، بفتح الراء وسكونها: مكيال يسع ثلاثة آصع. وقال ابن قرقول: رويناه بالإسكان والفتح عن أكثر شيوخنا، والفتح أكثر. قال الباجي: وهو الصواب، وكذا قيدناه عن أهل اللغة، ولا يقال: فرق بالإسكان، ولكن فرق بالفتح، وكذا حكى النحاس، وذكر ابن دريد أنه قد قيل بالإسكان. قوله: (ذرة) 7 بضم الذال المعجمة وفتح الراء الخفيفة، وهو حب معروف، وأصله ذرو أو ذري، والهاء عوض. و: الأرز، بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي، وهو معروف، وفيه ست لغات: أرز وأرز فتتبع الضمة الضمة، و: ارز وارز مثل: رسل ورسل، ورز ورنز، وهو لغة عبد القيس. قوله: (فأعطيته وأبى ذاك أن يأخذ)، وفي رواية المزارعة: فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فرغب عنه. قوله: (أعطيته) أي: أعطيت الفرق من ذرة، (وأبى) أي: امتنع. قوله: (ذاك)، أي: الأجير المذكور. قوله: (أن يأخذ)، كلمة: أن، مصدرية تقديره: أبى من الأخذ، وهو معنى قوله: فرغب عنه، أي: أعرض عنه فلم يأخذه. قوله: (فعمدت)، بفتح الميم أي: قصدت، يقال: عمدت إليه وعمدت له أعمد عمدا أي: قصدت. قوله: (فزرعته) أي: الفرق المذكور (حتى اشتريت منه بقرا وراعيها) وفي رواية المزارعة: فرغت عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا وراعيها، ويروى: ورعاتها بضم الراء جمع راعي. قوله: (ثم جاء) أي: الأجير المذكور، (فقال: يا عبد الله أعطني حقي) وفي رواية المزارعة: فجاءني فقال اتق الله قوله: (فقلت انطلق إلى تلك البقر وراعيها فإنها لك). وفي رواية المزارعة: فقلت: إذهب إلى ذلك البقر ورعاتها فخذ، ويروى: إلى تلك البقر. قوله: (فقال أتستهزىء بي؟) من استهزأ بفلان: إذا سخر منه، وفي رواية المزارعة، فقال: اتق الله ولا تستهزىء بي. قوله: (فقلت: ما استهزىء بك ولكنها لك) وفي رواية المزارعة: فقال: إني لا استهزىء بك فخذه، فأخذه. ويروى: فقلت إني... إلى آخره. قوله: (فافرج عنا، فكشف عنهم) أي: فكشف باب المغارة، وفي رواية المز ارعة، فافرج ما بقي، ففرج أي ففرج الله ما بقي من باب المغارة.
ذكر ما يستفاد منه فيه: الإخبار عن متقدمي الأمم وذكر أعمالهم لترغيب أمته في مثلها، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يتكلم بشيء إلا لفائدة، وإذا كان مزاحه كذلك فما ظنك بأخباره؟ وفيه: جواز بيع الإنسان مال غيره بطريق الفضول، والتصرف فيه بغير إذن مالكه إذا أجازه المالك بعد ذلك، ولهذا عقد البخاري الترجمة، وقال بعضهم: طريق الاستدلال به يبتنى على أن شرع من قبلنا شرع لنا، والجمهور على خلافه. انتهى. قلت: شرع من قبلنا يلزمنا ما لم يقص الشارع الإنكار عليه، وهنا طريق آخر في الجواز، وهو: أنه صلى الله عليه وسلم ذكر هذه القصة في معرض المدح والثناء على فاعلها، وأقره على ذلك، ولو كان لا يجوز لبينه. وقال ابن بطال: وفيه: دليل على صحة قول ابن القاسم: إذا أودع رجل رجلا طعاما فباعه المودع بثمن: فرضي المودع به، فله الخيار إن شاء أخذ الثمن الذي باعه به، وإن شاء أخذ مثل طعامه، ومنع أشهب. قال: لأنه طعام بطعام فيه