عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ١٦٩
01 ((باب)) يجوز فيه التنوين على تقدير: هذا باب، ويجوز تركه على السكون فلا يكون معربا، لأن الإعراب لا يكون إلا في المركب، ووقع: باب، كذا بغير ترجمة عند الكل، وقد ذكرنا أن: بابا، كلما وقع كذا فهو بمنزلة الفصل من الباب الذي قبله.
0332 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال عمر و قلت ل طاووس لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه قال أي عمر و إني أعطيهم وأعينهم وإن أعلمهم أخبرني يعني ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنه ولكن قال أن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليه خرجا معلوما.
وجه دخوله في الباب السابق من حيث إن للعامل فيه جزءا معلوما، وهنا: لو ترك رب الأرض هذا الجزء للعامل كان خيرا له من أن يأخذه منه، وفيه: جواز أخذ الأجرة لأن الأولوية في الترك لا تنافي الجواز فافهم.
ورجاله أربعة، قد ذكروا غير مرة، وعلي بن عبد الله هو المعروف بابن المديني، وهو من أفراده، وسفيان هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المزارعة عن قبيصة بن عقبة عن سفيان الثوري وفي الهبة عن محمد بن بشار. وأخرجه مسلم في البيوع عن محمد عن يحيى بن أبي عمر عن سفيان بن عيينة به وعن ابن أبي عمر عن الثقفي به وعن أبي بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم وعن يحيى بن يحيى وعن محمد بن رمح وعن علي بن حجر. وأخرجه أبو داود فيه عن محمد ابن كثير عن الثوري به. وأخرجه الترمذي في الأحكام عن محمود بن غيلان. وأخرجه النسائي في المزارعة عن محمد بن عبد الله المخرمي. وأخرجه ابن ماجة في الأحكام عن محمد بن رمح وعن محمد بن الصباح عن سفيان بن عيينة به وعن أبي بكر بن خلاد الباهلي ومحمد بن إسماعيل.
ذكر معناه: قوله: (قال عمرو)، وفي رواية الإسماعيلي من طريق عثمان بن أبي شيبة وغيره: عن سفيان، حدثنا عمرو. قوله: (لو تركت المخابرة)، جواب: لو، محذوف تقديره: لو تركت المخابرة لكان خيرا، أو يكون: لو، للتمني فلا يحتاج إلى جواب، وفسر الكرماني المخابرة من جهة مأخذ هذا اللفظ، فقال: المخابرة من: الخبير، وهو الأكار، أو من: الخبرة، بضم الخاء، وهي النصيب أو، من: خيبر، لأن أول هذه المعاملة وقعت فيها. انتهى. والمخابرة: هي العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها، وهي المزارعة لكن الفرق بينهما من وجه، وهو أن البذر من العامل في المخابرة، وفي المزارعة من المالك، والدليل على أن المخابرة هي المزارعة رواية الترمذي من حديث عمرو بن دينار بلفظ: لو تركت المزارعة، يخاطب ابن عباس بذلك. قوله: (فإنهم)، الفاء فيه للتعليل، لأن عمرا يعلل كلامه في خطابه لطاووس بترك المخابرة، بقوله: فإنهم، أي: فإن الناس، ومراده منهم: رافع بن خديج وعمومته والثابت بن الضحاك وجابر بن عبد الله ومن روى منهم. قوله: (يزعمون)، أي: يقولون: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، أي: عن الزرع على طريق المخابرة. قوله: (قال: أي عمرو!) أي: قال طاووس: يا عمرو. قوله: (إني أعطيهم)، من الإعطاء. قوله: (وأعينهم)، بضم الهمزة وكسر العين المهملة: من الإعانة، وهذا هكذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني: وأغنيهم، بالغين المعجمة الساكنة من الإغناء، والأول أوجه، وكذا في رواية ابن ماجة وغيره. قوله: (وإن أعلمهم) أي: وإن أعلم هؤلاء الذين يزعمون أنه صلى الله عليه وسلم نهى عنه. قوله: (أخبرني)، خبر: إن، وبين المراد من هذا الأعلم بقوله: يعني: ابن عباس. قوله: (لم ينه عنه) أي: عن الزرع على طريق المخابرة، ولا معارضة بين هذا وبين قوله: نهى عنه، لأن النهي كان فيما يشترطون شرطا فاسدا، وعدمه فيما لم يكن كذلك، وقيل: المراد بالإثبات نهي التنزيه، وبالنفي نهي التحريم. قوله: (أن يمنح)، بفتح الهمزة وسكون النون، قال بعضهم: أن يمنح، بفتح الهمزة والحاء على أنها تعليلية، وبكسر الهمزة وسكون الحاء على أنها شرطية، والأول أشهر. انتهى. قلت: ليس كذلك، بل أن بفتح الهمزة مصدرية، ولام
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»