رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط). قال الزهري: فذكر لابن عمر قول أبي هريرة، فقال: يرحم الله أبا هريرة، كان صاحب زرع. فإن قلت: ما أراد ابن عمر بقوله: يرحم الله أبا هريرة كان صاحب زرع؟ قلت: قيل: أنكر زيادة الزرع عليه، والأحوط أن يقال: إنه أراد بذلك الإشارة إلى تثبيت رواية أبي هريرة، وأن سبب حفظه لهذه الزيادة دون غيره أنه كان صاحب زرع، مشتغلا بشيء يحتاج إلى معرفة أحكامه، ومع هذا جاء لفظ: زرع، في حديث ابن عمر، في رواية مسلم على ما نذكرها الآن، وروى مسلم أيضا من حديث نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتنى كلبا، إلا كلب ماشية أو ضارية، نقص من عمله كل يوم قيراط). وروى أيضا من حديث سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من اقتنى كلبا إلا كلب صيد وماشية، نقص من أجره كل يوم قيراطان). وروى أيضا من حديث عبد الله بن دينار: أنه سمع ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتنى كلبا إلا كلب ضارية أو ماشية. نقص من عمله كل يوم قيراطان). وروى أيضا من حديث سالم بن عبد الله عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما أهل دار اتخذوا كلبا، إلا كلب ماشية أو كلب صائد، نقص من عمله كل يوم قيراطان). وروى أيضا من حديث أبي الحكم، قال: سمعت ابن عمر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من اتخذ كلبا، إلا كلب زرع أو غنم أو صيد، نقص من أجره كل يوم قيراط). وروى أيضا من حديث سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (من اقتنى كلبا، ليس بكلب صيد ولا ماشية ولا أرض، فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان). وروى الترمذي من حديث عبد الله بن مغفل: (ما من أهل بيت يربطون كلبا إلا نقص من عملهم كل يوم قيراط، إلا كلب صيد أو كلب حرث أو كلب غنم). وقال: حديث حسن.
قوله: (قيراط)، القيراط هنا مقدار معلوم عند الله، والمراد نقص جزء من أجزاء عمله. فإن قلت: ما التوفيق بين قوله: قيراط، وقوله: قيرطان؟ قلت: يجوز أن يكونا في نوعين من الكلاب أحدهما أشد إيذاء. وقيل: القيراطان في المدن والقرى، والقيراط في البوادي. وقيل: هما في زمانين، فذكر القيراط أولا ثم زاد التغليظ فذكر القيراطين، واختلفوا في سبب النقص، فقيل: امتناع الملائكة من دخول بيته، أو ما يلحق المارين من الأذى، أو ذلك عقوبة لهم لاتخاذهم ما نهى عن اتخاذه، أو لكثرة أكله للنجاسات، أو لكراهة رائحتها، أو لأن بعضها شيطان، أو لولوغه في الأواني عند غفلة صاحبها. قوله: (أو ماشية)، كلمة: أو، للتنويع أي: أو كلب ماشية، والماشية اسم يقع على الإبل والبقر والغنم، وأكثر ما يستعمل في الغنم، ويجمع على مواشي.
واختلف في الأجر الذي ينقص: هل هو من العمل الماضي أو المستقبل؟ حكى الروياني هذا، وقال ابن التين: المراد به أنه لو لم يتخذه لكان عمله كاملا، فإذا اقتناه نقص من ذلك العمل، ولا يجوز أن ينقص من عمل مضى، وإنما أراد أنه: ليس عمله في الكمال عمل من لم يتخذ انتهى. فإن قلت: هل يجوز اتخاذه لغير الوجوه المذكورة؟ قلت: قال ابن عبد البر ما حاصله: إن هذه الوجوه الثلاثة تثبت بالسنة، وما عداها فداخل في باب الحظر، وقيل: الأصح عند الشافعية إباحة اتخاذه لحراسة الدرب إلحاقا للمنصوص بما في معناه.
وقال ابن سيرين وأبو صالح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا كلب غنم أو حرث أو صيد أي: قال محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (وأبو صالح)، أي: وقال أبو صالح ذكوان الزيات السمان، ووصل تعليقه أبو الشيخ عبد الله بن محمد الأصبهاني في كتاب (الترغيب) له من طريق الأعمش عن أبي صالح، ومن طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، بلفظ: (من اقتنى كلبا، إلا كلب ماشية أو صيد أو حرث، فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراطان)، ولم يقل سهيل: أو حرث.
وقال أبو حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم كلب صيد أو ماشية أبو حازم هذا هو سلمان الأشجعي مولى عزة الأشجعية، ذكره المزي في (الأطراف)؛ وقال أبو حازم: عن أبي هريرة، ولم