عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ١٦٥
وألحق غيره لتساويهما في المعنى، ولولا مراعاة لفظ الحديث لكان قوله: المزارعة بالجزء أخصر. قلت: قد يطلق الشطر ويراد به البعض، فاختار لفظ الشطر لمراعاة لفظ الحديث، ولكونه يطلق على البعض والبعض هو الجزء. فإن قلت: فعلى هذا لا حاجة إلى قوله: ونحوه؟ قلت: إذا أريد بلفظ الشطر البعض يكون المراد بنحوه الجزء، فلا يحتاج حينئذ إلى التعسف بالإلحاق. فافهم.
وقل قيس بن مسلم عن أبي جعفر قال ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع قيس بن مسلم الجدلي أبو عمرو الكوفي، مر في باب زيادة الإيمان، وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقر، وهذا التعليق وصله عبد الرزاق عن الثوري، قال: أخبرني قيس بن مسلم عن أبي جعفر به. قوله: (أهل بيت هجرة)، أراد به المهاجرين. قوله: (والربع)، الواو فيه بمعنى أو، وقال بعضهم: الواو عاطفة على الفعل لا على المجرور، أي: يزرعون على الثلث ويزرعون على الربع. قلت: لا يقال الحرف يعطف على الفعل، وإنما الواو هنا بمعنى: أو، كما قلنا، فإذا خليناها على أصلها يكون فيه حذف تقديره: وإلا يزرعون على الربع، ونقل ابن التين عن القابسي شيئين: أحدهما: أنه أنكر رواية قيس بن مسلم عن أبي جعفر، وعلل بأن قيسا كوفي وأبا جعفر مدني، ولم يروه عن قيس أحد من المدنيين، ورد هذا بأن انفراد الثقة الحافظ لا يضر. والآخر: ذكر أن البخاري ذكر هذه الآثار في هذا الباب ليعلم أنه لم يصح في المزارعة على الجزء حديث مسند، ورد عليه بأنه ذهل عن حديث ابن عمر الذي في آخر الباب، وهو الذي احتج به من قال بالجواز.
وزارع علي وسعد بن مالك وعبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة بن الزبير وآل أبي بكر وآل عمر وآل علي وابن سيرين وصل تعليق علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، ابن أبي شيبة من طريق عمرو بن صليع عنه أنه: لم ير بأسا بالمزارعة على النصف. ووصل تعليق سعد بن مالك، وهو سعد بن أبي وقاص، وتعليق عبد الله بن مسعود، الطحاوي، قال: حدثنا فهد حدثنا محمد بن سعد أخبرنا شريك عن إبراهيم بن المهاجر، قال: سألت موسى بن طلحة عن المزارعة، فقال: أقطع عثمان عبد الله أرضا، وأقطع سعدا أرضا، وأقطع خبابا أرضا وأقطع صهيبا أرضا فكل جاري، فكانا يزرعان بالثلث والربع. انتهى وفيه: خباب وصهيب أيضا. ووصل تعليق عمر بن عبد العزيز ابن أبي شيبة من طريق خالد الحذاء: أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطأة أن يزارع بالثلث أو الربع. ووصل تعليق القاسم بن محمد عبد الرزاق، قال: سمعت هشاما يحدث أن ابن سيرين أرسله إلى القاسم بن محمد يسأله عن رجل قال لآخر: إعمل في حائطي هذا ولك الثلث أو الربع، قال: لا بأس. قال: فرجعت إلى ابن سيرين فأخبرته، فقال: هذا أحسن ما يصنع في الأرض، ووصل تعليق عروة بن الزبير بن العوام ابن أبي شيبة، قاله بعضهم ولم أجده. ووصل تعليق آل أبي بكر وآل عمر فوصله ابن أبي شيبة بسنده إلى أبي شيبة، بسنده إلى أبي جعفر الباقر: أنه سئل عن المزارعة بالثلث والربع؟ فقال: إن نظرت في آل أبي بكر وآل عمر وجدتهم يفعلون ذلك، قلت آل الرجل أهل بيته، لأن الآل القبيلة ينسب إليها فيدخل كل من ينسب إليه من قبل آبائه إلى أقصى أب له في الإسلام الأقرب والأبعد. ووصل تعليق محمد بن سيرين بن سعيد بن منصور بإسناده عنه: أنه كان لا يرى بأسا أن يجعل الرجل للرجل طائفة من زرعه أو حرثه، على أن يكفيه مؤونتها والقيام عليها.
وقال عبد الرحمان بن الأسود كنت أشارك عبد الرحمان بن يزيد في الزرع عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أبو بكر الكوفي، وعبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي هو أخو الأسود بن يزيد، وابن أخي علقمة بن قيس، وهو أيضا أدرك جماعة من الصحابة. ووصل تعليقه ابن أبي شيبة، وزاد فيه، واحمله إلى علقمة والأسود، فلو رأيا به بأسا لنهياني عنه.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»