عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٣١
ابن عبد الله أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال تمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدي فساق الهدي ومنهم من لم يهد فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس من كان منكم أهدي فإنه لا يحل لشيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فطاف حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف ومشي أربعا فركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى وساق الهدي من الناس.
مطابقته للترجمة في قوله: (فساق معه الهدي).
ذكر رجاله: وهم ستة: كلهم قد ذكروا غير مرة، والليث هو ابن سعد، وعقيل، بضم العين: ابن خالد، وابن شهاب هو: محمد بن مسلم الزهري.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول في موضع واحد. قوله: (عن عقيل)، وفي رواية مسلم من طريق شعيب بن الليث عن أبيه: حدثني عقيل. وفيه: أن شيخه يحيى بن بكير هو يحيى بن عبد الله بن بكير أبو زكرياء المخزومي المصري. وفيه: أن الليث أيضا مصري وعقيل أيلي، وابن شهاب وسالم مدنيان.
ذكر من أخرجه غيره أخرجه مسلم وأبو داود جميعا في الحج أيضا عن عبد الملك بن شعيب بن الليث عن أبيه عن جده به. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن عبد الله ابن المبارك المخزومي عن حجين بن المثنى عن الليث به.
ذكر معناه: قوله: (تمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج)، قال المهلب: معناه أمر بذلك كما تقول: رجم ولم يرجم لأنه كان ينكر على أنس. قوله: (إنه قرن)، ويقول بل كان مفردا. وأما قوله: وبدأ بالعمرة فمعناه: أمرهم بالتمتع، وهو أن يهلوا بالعمرة أولا، ويقدموها قبل الحج. قال: ولا بد من هذا التأويل لدفع التناقض عن ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، قيل: هذا التأويل من أبعد التأويلات، والاستشهاد عليه بقوله: رجم، وإنما أمر بالرجم من أوهن الاستشهادات، لأن الرجم وظيفة الإمام، فالذي يتولاه إنما يتولاه نيابة عنه، وأما أعمال الحج من إفراد وقران وتمتع فإنه وظيفة كل أحد عن نفسه. وقال بعضهم: يحتمل أن يكون معنى قوله: تمتع، محمولا على مدلوله اللغوي وهو: الانتفاع بإسقاط عمل العمرة والخروج إلى ميقاتها. انتهى. قلت: كل هذا الذي ذكر لا يشفي العليل ولا يروي الغليل، بل الأوجه هنا ما قاله النووي وهو أن معنى: تمتع أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج مفردا ثم أحرم بالعمرة، فصار قارنا في آخر عمرة، والقارن هو متمتع من حيث اللغة ومن حيث المعنى لأنه ترفه باتحاد الميقات والإحرام والفعل جمعا بين الأحاديث. وأما لفظ: (فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج) فهو محمول على التلبية في أثناء الإحرام وليس المراد أنه أحرم أول مرة بالعمرة ثم أحرم بالحج، لأنه يؤدي إلى مخالفة الأحاديث الأخر، ويؤيد هذا التأويل لفظ: وتمتع الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنهم أحرموا أولا بالحج مفردا، وإنما فسخوا إلى العمرة آخرا وصاروا متمتعين. وقوله: (فتمتع الناس) يعني: في آخر أمرهم قلت: هذا الحديث أخرجه البيهقي في (سننه الكبرى) من حديث الليث عن عقيل إلى آخره نحوه، ثم قال: وقد روينا عن عائشة وابن عمر ما يعارض هذا، وهو الإفراد، وحيث لم يتحلل
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»