عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢٠٥
شيبة في (مصنفه) عن علي بن مسهر عن عبيد الله عن نافع عن عبد الله، وبلغه بقديد أن جيشا من جيوش الفتنة دخلوا المدينة، فكره أن يدخل عليهم فرجع إلى مكة فدخلها بغير إحرام.
وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإهلال لمن أراد الحج والعمرة ولم يذكره للحطابين وغيرهم هذا كله من كلام البخاري. قوله: (ولم يذكره) أي: ولم يذكر الإهلال أي: الإحرام للحطابين أي: للذين يجلبون الحطب إلى مكة للبيع، ويروى: ولم يذكر الحطابين بغير الضمير أي: لم يذكرهم في منع الدخول بغير إحرام، وأشار بهذا إلى أن مذهبه أن من دخل مكة من غير أن يريد الحج أو العمرة فلا شيء عليه، واستدل على ذلك بمفهوم حديث ابن عباس ممن أراد الحج والعمرة، ومفهوم هذا أن المتردد إلى مكة عن غير قصد الحج أو العمرة لا يلزمه الإحرام.
وقد اختلف العلماء في هذا الباب، فقال ابن القصار: واختلف قول مالك والشافعي في جواز دخول مكة بغير إحرام لمن لم يرد الحج والعمرة، فقالا مرة: لا يجوز دخولها إلا بالإحرام لاختصاصها ومباينتها جميع البلدان إلا الحطابين، ومن قرب منها مثل جدة والطائف وعسفان لكثرة ترددهم إليها، وبه قال أبو حنيفة والليث، وعلى هذا فلا دم عليه، نص عليه في (المدونة). وقالا مرة أخرى: دخولها به مستحب لا واجب. قلت: مذهب الزهري والحسن البصري والشافعي في قول، ومالك في رواية، وابن وهب وداود بن علي وأصحابه الظاهرية: أنه لا بأس بدخول الحرم بغير إحرام، ومذهب عطاء بن أبي رباح والليث بن سعد والثوري وأبي حنيفة وأصحابه ومالك في رواية، وهي قوله الصحيح، والشافعي في المشهور عنه وأحمد وأبي ثور والحسن بن حي: لا يصلح لأحد كان منزله من وراء الميقات إلى الأمصار أن يدخل مكة إلا بالإحرام، فإن لم يفعل أساءو لا شيء عليه عند الشافعي وأبي ثور، وعند أبي حنيفة: عليه حجة أو عمرة. وقال أبو عمر: لا أعلم خلافا بين فقهاء الأمصار في الحطابين ومن يدمن الاختلاف إلى مكة ويكثره في اليوم والليلة أنهم لا يأمرون بذلك لما عليهم من المشقة، وقال ابن وهب عن مالك: لست آخذ بقول ابن شهاب في دخول الإنسان مكة بغير إحرام، وقال: إنما يكون ذلك على مثل ما عمل به عبد الله بن عمر من القرب إلا رجلا يأتي بالفاكهة من الطائف، أو ينقل الخطب يبيعه، فلا أرى بذلك بأسا. قيل له: فرجوع ابن عمر من قديد إلى مكة بغير إحرام؟ فقال: ذلك أنه جاءه خبر من جيوش المدينة.
5481 حدثنا مسلم قال حدثنا وهيب قال حدثنا ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم هن ولكل آت عليهن من غيرهم من أراد الحج والعمرة فمن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (من أراد الحج والعمرة)، حيث خصص لمريدهما المواقيت ولم يعين لغير مريدهما ميقاتا. والحديث مضى بعينه في أوائل كتاب الحج في: باب مهل مكة، غير أنه أخرجه: عن موسى بن إسماعيل عن وهيب، وههنا أخرجه: عن مسلم بن إبراهيم القصاب عن وهيب بن خالد عن عبد الله بن طاووس عن أبيه، وقد مر الكلام فيه مستوفى.
6481 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء رجل فقال إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه.
مطابقته للترجمة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر، فلو كان محرما لكان يدخل وهو مكشوف الرأس، والترجمة في دخول مكة بغير إحرام. وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضا في اللباس عن أبي الوليد الطيالسي،
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»