عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١٠١
ليس بنسك من مناسك الحج، إنما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستراجة. وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري: التحصيب مستحب عند جميع العلماء، وقال شيخنا زين الدين: وفيه نظر لأن الترمذي حكى استحبابه عن بعض أهل العلم، وحكى النووي استحبابه عن مذهب الشافعي ومالك والجمهور، وهذا هو الصواب، وقد كان من أهل العلم من لا يستحبه فكانت أسماء وعروة ابن الزبير، رضي الله تعالى عنها، لا يحصبان، حكاه ابن عبد البر في (الاستذكار) عنهما، وكذلك سعيد بن جبير، فقيل لإبراهيم: إن سعيد بن جبير لا يفعله، فقال: قد كان يفعله، ثم بدا له، وقال ابن بطال: وكانت عائشة لا تحصب ولا أسماء، وهو مذهب عروة.
6671 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال عمر و عن عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ليس التحصيب بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مطابقته للترجمة من حيث إنه بيان حكم المحصب، وعلي بن عبد الله المعروف بابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار، وعطاء هو ابن أبي رباح.
وأخرجه مسلم أيضا من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس نحوه، وأخرجه النسائي عن علي بن حجر عن سفيان، وأخرجه الترمذي عن ابن أبي عمر عن سفيان عن عمرو إلى آخره، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وذكر الدارقطني أن هذا حديث علي بن حجر، قال ابن عساكر: يعني تفرد به، وابن عيينة سمعه من حسن بن صالح عن عمرو، ولكن كذا قال ابن حجر، وهو وهم منه، فقد رواه ابن أبي عمر وعبد الجبار بن العلاء وجماعة غيرهما، ورواه الإسماعيلي من حديث أبي خيثمة حدثنا ابن عيينة حدثنا عمرو، وكذا رواه أبو نعيم الحافظ من طريق عبد الله ابن الزبير: حدثنا سفيان حدثنا عمرو، فقد صرح أبو خيثمة والحميدي عن سفيان بالتحديث من عمرو فانتفى ما قاله الدارقطني، ولما روى الترمذي حديث ابن عمر قال: (كان النبي، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر وعثمان، رضي الله تعالى عنهم، ينزلون بالأبطح). قال: وفي الباب عن عائشة وأبي رافع وابن عباس. قلت: حديث عائشة أخرجه الأئمة الستة، وحديث أبي رافع أخرجه مسلم وأبو داود من رواية سفيان بن عيينة عن صالح بن كيسان عن سليمان بن يسار (عن أبي رافع، قال: لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح حين خرج من منى، ولكن جئت فضربت قبته فجاء فنزل) قلت: وفي الباب عن أبي هريرة وأبي أسامة وأنس، رضي الله تعالى عنهم، وأخرج البخاري حديثهم، وقال بعض العلماء: كان نزوله صلى الله عليه وسلم بالمحصب شكرا لله تعالى على الظهور بعد الاختفاء، وعلى إظهار دين الله تعالى بعدما أراد المشركون من إخفائه، وإذا تقرر أن نزول المحصب لا تعلق له بالمناسك فهل يستحب لكل أحد أن ينزل فيه إذا مر به؟ يحتمل أن يقال باستحبابه مطلقا، ويحتمل أن يقال باستحبابه للجمع الكثير، وإظهار العبادة فيه إظهارا لشكر الله تعالى على رد كيد الكفار، وإبطال ما أرادوه. والله أعلم.
841 ((باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة والنزول بالبطجاء التي بذي الحليفة إذا رجع من مكة)) أي: هذا باب في بيان نزول الحاج بذي طوى قبل دخوله مكة اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم في نزوله بمنازله جميعا، ولا يختص ذلك بالمحصب. قوله: (بذي طوى) بدون الألف واللام في رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي والسرخسي: بذي الطوى، بالألف واللام، ويجوز في الطاء الحركات الثلاث، والأفضح فتحها، ويجوز صرف طوى ومنعه، وهو موضع بأسفل مكة في صوب طريق العمرة المعتادة، وقيل: هو بين مكة والتنعيم، وكلمة: أن، في قوله: قبل أن يدخل، مصدرية أي: قبل دخوله مكة. قوله: (والنزول)، بالجر عطف على النزول الأول. قوله: (التي بذي الحليفة) صفة البطحاء، واحترز به عن البطحاء التي بين مكة ومنى، وقيل: البطحاء بالمد: هو التراب الذي في مسيل الماء. وقيل: إنه مجرى السيل إذا جف واستحجر، والبطحاء التي بذي الحليفة معروفة عند أهل المدينة وغيرهم بالعرس. قوله: (إذا رجع)، أي: الحاج من مكة وتوجه إلى المدينة.
7671 حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا أبو ضمرة قال حدثنا موسى بن عقبة عن نافع
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»