عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٩٧
أبو يوسف وإسحاق. وقال الأوزاعي: أن وجد عنبرة في صفة البحر خمست، وإن غاص عليها في مثل بحر الهند فلا شيء فيها لا خمس ولا نفل ولا غيره، وروى ابن أبي شيبة عن وكيع عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي الزبير عن جابر قال: ليس في العنبر زكاة، وإنما هو غنيمة لمن أخذه.
إنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم في الركاز الخمس ليس في الذي يصاب في الماء هذا من كلام البخاري، يريد به الرد على الحسن، ووجهه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، إنما جعل الخمس في الركاز لا في الشيء الذي يصاب في الماء، ويأتي الحديث موصولا عن قريب، وقد لفظ في الركاز للحصر. قوله: (يصاب) أي: يوجد في الماء كالسمك.
8941 وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل بأن يسلفه ألف دينار فدفعها إليه فخرج في البحر فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار فرمى بها في البحر فخرج الرجل الذي كان أسلفه فإذا بالخشبة فأخذها لأهله حطبا فذكر الحديث فلما نشرها وجد المال.
.
الكلام في هذا الحديث على أنواع.
الأول: في وجه إيراده هذا الحديث في هذا الباب، فقال الإسماعيلي: ليس في هذا الحديث شيء يناسب الترجمة، رجل اقترض قرضا فارتجع قرضه، وكذا قال الداودي: حديث الخشبة ليس من هذا الباب في شيء، وأجاب عن ذلك من ساعده ووجه كلامه منهم عبد الملك فقال: إنما أدخل البخاري هذا الحديث في هذا الباب لأنه يريد أن كل ما ألقاه البحر جاز التقاطه ولا خمس فيه إذا لم يعلم أنه من مال المسلمين، وأما إذا علم أنه منه فلا يجوز أخذه لأن الرجل إنما أخذ خشبة على الإباحة ليملكها، فوجد فيها المال، ولو وقع هذا اليوم كان كاللقطة لأنه معلوم أن الله تعالى لا يخلق الدنانير المضروبة في الخشبة. قلت: ينبغي أن يقيد عادة، لأن قدرة الله تعالى صالحة لكل شيء عقلا، ومنهم ابن المنير، فقال: موضع الاستشهاد إنما هو أخذ الخشبة على أنها حطب، فدل على إباحة مثل ذلك مما يلفظه البحر، أما مما ينشأ فيه كالعنبر أو مما سبق فيه ملك وعطب وانقطع ملك صاحبه منه على اختلاف بين العلماء في تمليك هذا مطلقا أو مفصلا، وإذا جاز تمليك الخشبة، وقد تقدم عليها ملك متملك، فنحو العنبر الذي لم يتقدم عليه ملك أولى. قلت: الترجمة ما يستخرج من البحر، والحديث يدل على ما يستخرج من البحر، فالمطابقة في مجرد الاستخراج من البحر مع قطع النظر عن غيره، وأدنى الملابسة في التطابق كاف.
النوع الثاني: أنه ذكر هذا الحديث هنا معلقا مختصرا، ووقع في بعض نسخه عقيبه: حدثني بذلك عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، ذكره الحافظ المزي، قال: وهو ثابت في عدة أصول من كتاب البيوع من الجامع من رواية أبي الوقت عن الداودي عن أبي حمويه عن الفربري عنه، وقال الطرقي: أخرجه محمد في خمسة مواضع من الكتاب، فقال: قال الليث) قلت: أخرجه هنا أعني في الزكاة وفي الكفالة وفي الاستقراض وفي اللقطة وفي الشروط وفي الاستئذان، وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة، وقال في: باب التجارة في البحر، في البيوع. وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة عن الأعرج (عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل خرج في البحر فقضى حاجته)، وساق الحديث. حدثني عبد الله ابن صالح، قال: حدثني الليث بهذا، وأخرجه النسائي في اللقطة عن علي بن محمد بن علي عن داود بن منصور عن الليث نحوه.
أما الذي أخرجه في الكفالة فهو في: باب الكفالة في القرض والديون، ولفظه: قال أبو عبد الله، وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فقال: إيتني بالشهداء أشهدهم، فقال: كفى بالله شهيدا. قال: فاتني بالكفيل، قال: كفى بالله كفيلا، قال: صدقت، فدفعها إليه إلى أجل مسمى، فخرج في االبحر فقضى حاجته ثم التمس مركبا
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»