عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٩٥
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صل على آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال اللهم صل على آل أبي أوفى.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على من يأتي بصدقته أي: زكاته، والترجمة في صلاة الإمام لصاحب الصدقة.
ذكر رجاله وهم: أربعة: الأول: حفص بن عمر بن الحارث أبو حفص الحوضي. الثاني: شعبة بن الحجاج. الثالث: عمرو بن مرة، بضم الميم وتشديد الراء: ابن عبد الله بن طارق المرادي، وقد مر في تسوية الصفوف. الرابع: عبد الله بن أبي أوفى، بفتح الهمزة وسكون الواو وفتح الفاء وبالقصر: واسمه علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي المدني من أصحاب بيعة الرضوان، روي له خمسة وتسعون حديثا للبخاري خمسة عشر، وهو آخر من بقي من أصحابه بالكوفة، مات سنة سبع وثمانين وهو أحد الصحابة السبعة الذين أدركهم أبو حنيفة سنة ثمانين، وكان عمره سبع سنين، سن التمييز والإدراك من الأشياء. وقيل: مولده سنة إحدى وستين، وقيل سنة سبعين، والأول أصح وأشهر.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضع واحد. وفيه: عن عمرو عن عبد الله وفي المغازي عن عمرو: وسمعت ابن أبي أوفى، وكان من أصحاب الشجرة. وفيه: أن شيخه من أفراده وهو كوفي وشعبة واسطي وعمرو بن مرة كوفي تابعي صغير لم يسمع من الصحابة إلا من ابن أبي أوفى، وقال: شعبة كان لا يدلس.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن آدم، وفي الدعوات عن مسلم ابن إبراهيم وسليمان بن حرب فرقهما. وأخرجه مسلم في الزكاة عن يحيى بن يحيى وأبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم، أربعتهم عن وكيع، وعن عبد الله بن معاذ عن أبيه وعن محمد بن عبد الله بن نمير عن عبد الله بن إدريس. وأخرجه أبو داود فيه عن حفص بن عمر وأبي الوليد. وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن يزيد عن بهز بن أسد. وأخرجه ابن ماجة فيه عن علي بن محمد عن وكيع كلهم عن شعبة به.
ذكر معناه: قوله: (إذا أتي بصدقة)، أي: بزكاة. قوله: (صل على آل فلان)، كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر: (صل على فلان). قوله: (صل على آل أبي أوفى)، يريد به: أبا أوفى، وأما لفظ آل، فمقحم، وأما إن المراد به ذات أبي أوفى لأن الآل يذكر ويراد به ذات الشيء، كما قال صلى الله عليه وسلم في قصة أبي موسى الأشعري: (لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود). يريد به داود عليه السلام، وقيل: لا يقال ذلك، إلا في حق الرجل الجليل القدير، كآل أبي بكر وآل عمر، رضي الله تعالى عنهما، وقيل: آل الرجل: أهله، والفرق بين الآل والأهل: أن الآل قد خص بالأشراف، فلا يقال آل الحائك ولا آل الحجام. فإن قلت: كيف قيل: آل فرعون؟ قلت: لتصوره بصورة الأشراف، وفي الصحاح: أصل آل: أول، وقيل: أهل، ولهذا يقال في تصغيره: أهيل.
ذكر ما يستفاد منه: احتج بالحديث المذكور من جوز الصلاة على غير الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، بالاستقلال وهو قول أحمد أيضا. وقال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي والأكثرون: إنه لا يصلي على غير الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام استقلالا، فلا يقال: اللهم صل على آل أبي بكر ولا على آل عمر أو غيرهما، ولكن يصلى عليهم تبعا. والجواب عن هذا أن هذا حقه، عليه الصلاة والسلام، له أن يعطيه لمن شاء، وليس لغيره ذلك. وفيه: جواز أن يقال: آل فلان، يريد به فلانا، وفيه: استحباب الدعاء للمتصدق، كما ذكرناه مشروحا.
56 ((باب ما يستخرج من البحر)) أي: هذا باب يذكر في بيان حكم ما يستخرج من البحر، وفيه حذف تقديره: هل تجب فيه الزكاة أم لا؟ والمحذوف في نفس الأمر خبر، لأن كلمة: (ما)، موصولة. (ويستخرج) صلتها. وكلمة (من) بيانية، ولا بد للموصول من عائد، وهو صفة لشيء محذوف تقديره:
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»