ابن أبي حاتم من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الفسوق ههنا الذبح للأصنام، وقال الضحاك: الفسوق التنابز بالألقاب. قوله: * (ولا جدال في الحج) * (البقرة: 791). فيه قولان: أحدهما: ولا مجادلة في وقت الحج وفي مناسكه. والثاني: أن المراد بالجدال ههنا المخاصمة، وعن ابن مسعود في قوله: * (ولا جدال في الحج) * (البقرة: 791). قال: أن تماري صاحبك حتى تغضبه، وعن ابن عباس: الجدال المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك، فنهى الله عن ذلك. وعن ابن عمر: الجدال المراء والسباب والخصومات.
النوع الثالث: في الأحكام المتعلقة بأشهر الحج: قال الله تعالى: * (أشهر معلومات) * (البقرة: 791). وهي: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وهو قول أكثر العلماء، وهو المنقول عن عطاء وطاووس ومجاهد وإبراهيم النخعي والشعبي والحسن وابن سيرين ومكحول وقتادة والضحاك والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وأبي يوسف وأبي ثور، واختاره ابن جرير، ويحكى عن عمر، وعلي وابن مسعود وعبد الله بن الزبير وابن عباس، رضي الله تعالى عنهم، وقال مالك والشافعي في القديم: هي شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله، وهو رواية عن ابن عمر أيضا ابن وقال ابن جرير: حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد حدثنا شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عمر، قال: شوال وذو القعدة وذو الحجة، وقال ابن أبي حاتم في (تفسيره): حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب أخبرني ابن جريج، قال: قلت لنافع: سمعت عبد الله بن عمر يسمى شهور الحج؟ قال: نعم، كان عبد الله يسمي شوال وذا القعدة وذا الحجة. قال ابن جريج: وقال ذلك ابن شهاب وعطاء وجابر بن عبد الله صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا إسناد صحيح إلى ابن جريج، وحكي هذا أيضا عن مجاهد وطاووس وعروة بن الزبير والربيع بن أنس وقتادة، قال ابن كثير في (تفسيره): وجاء فيه حديث مرفوع، ولكنه موضوع رواه الحافظ ابن مردويه من طريق حصين بن المخارق، وهو متهم بالوضع عن يونس بن عبيد عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أشهر معلومات: شوال وذو القعدة وذو الحجة)، وهذا كما رأيت لا يصح رفعه، واحتج الجمهور بما علقه البخاري على ما يجيء، قال ابن عمر: هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، ورواه ابن جرير: حدثني أحمد بن حازم بن أبي عزرة حدثنا أبو نعيم حدثنا ورقاء عن عبد الله بن دينار (عن ابن عمر: أشهر الحج معلومات؟ قال: شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة) إسناده صحيح، ورواه الحاكم أيضا في (مستدركه) عن الأصم عن الحسن بن علي بن عفان عن عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر فذكره. وقال: على شرط الشيخين. وعن الحاكم رواه البيهقي في (المعرفة) بإسناده ومتنه، ومما احتج به مالك ما رواه الدارقطني في (سننه) عن شريك عن أبي إسحاق عن الضحاك (عن ابن عباس، قال: أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة)، ورواه أيضا عن ابن مسعود نحوه، وعن عبد الله بن الزبير نحوه. وقال الطبري: إنما أراد من قال: أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة، أن هذه الأشهر ليست أشهر العمرة إنما هي للحج وإن كان الحج ينقضي بانقضاء إيام منى. قلت: الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام به فيما عداها، وإن كان صحيحا. والقول بصحة الإحرام في جميع السنة مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق، وهو مذهب إبراهيم النخعي والثوري والليث بن سعيد، ومذهب الشافعي: أنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهر الحج، فلو أحرم به قبلها لم ينعقد إحرامه به، وهل ينعقد عمرة؟ فيه قولان عنه: والقول بأنه: لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهر الحج مروي عن ابن عباس وجابر، وبه يقول طاووس وعطاء ومجاهد. فإن قلت: هل يدخل يوم النحر في عشر ذي الحجة أم لا؟ قلت: قال أبو حنيفة وأحمد: يدخل، وقال الشافعي: لا يدخل، وهو المشهور المصحح عنه، وقال بعض الشافعية: تسع من ذي الحجة، ولا يصح في يوم النحر ولا ليلته، وهو شاذ.
* (ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) * (البقرة: 981).
وقوله: * (ويسألونك عن الأهلة) * (البقرة: 981). عطف على: قول الله تعالى أي: وفي بيان تفسير قول الله تعالى. وقال العوفي: عن ابن عباس، سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأهلة فنزلت هذه الآية يعلمون بها حل دينهم وعدة نسائهم ووقت حجهم، وقال أبو جعفر: عن الربيع عن أبي العالية: بلغنا أنهم قالوا: يا رسول الله! لم خلقت الأهلة؟ فأنزل الله تعالى: * (يسألونك عن الأهلة) * (البقرة: 981). وقال