ذهاب أثر الطيب، ورد هذا بحديث: ثم أصبح محرما ينضح طيبا، وهذا لا يشك أن: نضح الطيب، وهو رائحته كان في حال إحرامه. فإن قلت: إن فيه تقديما وتأخيرا، والتقدير: طاف على نسائه ينضح طيبا، ثم أصبح محرما؟ قلت: هذا خلاف الظاهر: ويرده أيضا ما في رواية مسلم: كان إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد، ثم أراه في رأسه ولحيته بعد ذلك، وفي رواية النسائي وابن حبان: رأيت الطيب في مفرقه بعد ثلاث، وهو محرم، فإن قلت: كان الوبيص بقايا الدهن المطيب فزال وبقي أثره من غير رائحة؟ قلت: قول عائشة: ينضح طيبا، يرد هذا. فإن قلت: بقي أثره لا عينه؟ قلت: ليس في شيء من طرق حديث عائشة أن عينه بقيت، قاله ابن العربي. قلت: قد روى أبو داود وابن أبي شيبة من طريق عائشة بنت طلحة عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، قالت: كنا نضمخ وجوهنا بالمسك المطيب قبل أن نحرم، ثم نحرم فتعرق فيسيل على وجوهنا، ونحن مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلا ينهانا. وفي رواية: كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام فإذا عرقت إحدانا سال على وجوهنا فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا فهذا صريح في بقاء عين الطيب. فإن قلت: هذا خاص بالنساء؟ قلت: لا نسلم ذلك، لأن النساء والرجال سواء في تحريم استعمال الطيب، إذا كانوا محرمين. فإن قلت: كان ذلك الطيب لا رائحة له، دل عليه رواية الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة، رضي الله تعالى عنها: بطيب لا يشبه طيبكم، قال بعض رواته: يعني لا بقاء له، أخرجه النسائي قلت: يرد هذا ما رواه مسلم من رواية منصور بن زادان عن عبد الرحمن بن القاسم: بطيب فيه مسك، وفي رواية الطحاوي عن عائشة: بالغالية الجيدة، كما ذكرناه، فهذا يدل على أن معنى قولها: بطيب لا يشبه طيبكم: أطيب من طيبكم، لا كما فهمه بعض رواته. ومنها: أنهم ادعوا أن هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وقد أجبنا عن ذلك عن قريب. ومنها: ما قاله بعضهم: بأن عمل أهل المدينة على خلافه، ورد بما رواه النسائي من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أن سليمان بن عبد الملك لما حج جمع ناسا من أهل مكة منهم القاسم بن محمد وخارجة بن زيد وسالم وعبد الله ابنا عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث فسألهم عن الطيب قبل الإفاضة، فكلهم أمروه به، فهؤلاء فقهاء أهل المدينة من التابعين قد اتفقوا على ذلك، فكيف يدعي مع ذلك العمل على خلافه؟ وفيه: الدلالة على حل الطيب وغيره من محرمات الإحرام بعد رمي جمرة العقبة، وقد ذكرناه عن قريب.
91 ((باب من أهل ملبدا)) أي: هذا باب في بيان من أحرم حال كونه ملبدا. من: لبد شعره، بمعنى: جعل فيه شيئا نحو الصمغ ليجتمع شعره، لئلا يتشعث في الإحرام أو يقع فيه القمل.
0451 حدثنا أصبغ قال أخبرنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا.
.
مطابقته للترجمة هي عين متن الحديث.
ذكر رجاله: وهم: ستة: الأول: أصبغ، بفتح الهمزة وسكون الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة وفي آخره غين معجمة: ابن الفرج أبو عبد الله مولى عبد العزيز بن مروان، وراق عبد الله بن وهب، مات سنة ست وعشرين ومائتين. الثاني: عبد الله بن وهب. الثالث: يونس بن يزيد. الرابع: محد بن مسلم بن شهاب الزهري.
الخامس: سالم بن عبد الله. السادس: أبوه عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهم.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع، والإخبار كذلك في موضع. وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: السماع. وفيه: أن شيخة من أفراده وأنه وابن وهب مصريان، وأن يونس أيلي وابن شهاب وسالم مدنيان.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في اللباس عن حبان بن موسى وأحمد بن محمد. وأخرجه مسلم فيه عن حرملة عن ابن وهب. وأخرجه أبو دأود فيه عن سليمان بن داود المهري. وأخرجه النسائي فيه عن أحمد بن عمرو