عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ٨٣
في مكان وفاته، قال الواقدي: مات خالد، رضي الله تعالى عنه، في بعض قرى حمص على ميل من حمص في سنة إحدى وعشرين، قال صاحب (المرآة): هذا قول عامة المؤرخين، وذكر ابن الجوزي في (التلقيح): قال: لما عزل عمر خالدا لم يزل مرابطا بحمص حتى مات. وقال إسحاق بن بشر: قال محمد: مات خالد بن الوليد بالمدينة، فخرج عمر، رضي الله تعالى عنه، في جنازته وإذا أمه تندب وتقول أبياتا أولها هو قولها:
* أنت خير من ألف ألف من القوم * إذا ما كنت وجوه الرجال * فقال عمر: صدثت إن كان كذلك، وجماعة عن أنه مات بالمدينة واحتجوا في ذلك بما رواه سيف بن عمر عن مبشر عن سالم قال: حج عمر، رضي الله تعالى عنه، واشتكى خالد بعده وهو خارج المدينة زائرا لأمه، فقال لها: قدموني إلى مهاجري، فقدمت به المدينة ومرضته، فلما ثقل وأظل قدوم عمر لقيه لاق على مسيرة ثلاثة أيام وقد صدر عمر عن الحج، فقال له عمر: مهيم؟ فقال: خالد بن الوليد ثقل لما به، فطوى ثلاثا في ليلة فأدركه حين قضى، فرق عليه فاسترجع وجلس ببابه حتى جهز وبكته البواكي، فقيل لعمر: ألا تسمع لهذه؟ فقال: وما على نساء آل الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقع أو لقلقة؟ وقال الموفق في الأنساب: عن محمد بن سلام، قال: لم تبق امرأة من نساء بني المغيرة إلا وضعت لمتها على قبر خالد، أي: حلقن رأسها وشققن الجيوب ولطمن الخدود وأطعمن الطعام، ما نهاهن عمر. قالوا: فهذا كله يقتضي موته بالمدينة، وإليه ذهب دحيم أيضا. وقالت عامة العلماء، منهم: الواقدي وأبو عبيد وإبراهيم بن المنذر ومحمد بن عبد الله وأبو عمر والعصفري وموسى بن أيوب وأبو سليمان بن أبي محمد، وآخرون: إنه مات بحمص سنة إحدى وعشرين، وزاد الواقدي: وأوصى إلى عمر ابن الخطاب، رضي الله تعالى عنه.
والنقع: التراب على الرأس، واللقلقة: الصوت فسر البخاري النقع: بالتراب، وهو بفتح النون وسكون القاف وفي آخره عين مهملة، وفسر اللقلقة، باللامين والقافين: بالصوت. وقال الإسماعيلي: النقع ههنا الصوت العالي، واللقلقة حكاية صوت ترديد النواحة. وقال ابن قرقول: النقع الصوت بالبكاء. قال: وبهذا فسره البخاري، فهذا كما رأيت ما فسر البخاري النقع إلا بالتراب. قال صاحب (التلويح): والذي رأيت في سائر نسخ البخاري، الذي رأيته، يعني: فسر النقع بالتراب، وروى سعيد بن منصور عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال: النقع الشق أي: شق الجيوب. وكذا قال وكيع فيما رواه ابن سعد عنه. وقال الكسائي: هو صنعة الطعام في المأتم، وقال أبو عبيد النقيعة: طعام القدوم من السفر، وفي (المجمل): النقع الصراخ. ويقال: هو النقيع. وفي (الصحاح): النقيع الصراخ، ونقع الصوت واستنقع أي: ارتفع. وفي (الموعب): نقع الصارخ بصوته وانقع إذا تابعه. وفي (الجامع) و (الجمهرة): الصوت واختلاطه في حرب أو غيرها. وقال القزاز: اللقلقة تتابع ذلك، كما تفعل النساء في المأتم وهو شدة الصوت. وقال ابن سيده عن ابن الأعرابي: تقطيع الصوت، وقيل: الجلبة.
1921 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة عن المغيرة رضي الله تعالى عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن كذبا علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من نيح عليه يعذب بما نيح عليه.
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم أربعة: الأول: أبو نعيم، بضم النون: الفضل بن دكين. الثاني: سعيد ابن عبيد الطائي أبو الهذيل. الثالث: علي بن ربيعة، بفتح الراء: الوالبي، بكسر اللام والباء الموحدة، يكنى أبا المغيرة. الرابع: المغيرة بن شعبة.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضعين. وفيه: السماع. وفيه: أن رواته كلهم كوفيون. وفيه: أن علي بن ربيعة ليس له في البخاري غير هذا الحديث. وفيه: أنه من الرباعيات. وفيه: سعيد عن علي، قال بعضهم: وصرح في رواية مسلم بسماع سعيد عن علي ولفظه: حدثنا. قلت: لم نر في مسلم ذلك إلا في مقدمته، وفي غيرها إنما هو بالعنعنة كما هو ههنا.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»