عمر وابن مسعود ومعاوية وسعيد والمغيرة بن شعبة وعقبة بن عامر رضي الله تعالى عنهم أنهم قاموا من اثنتين فلما ذكروا بعد القيام لم يجلسوا وقالوا أن النبي كان يفعل ذلك وفي قول أكثر العلماء أن من رجع إلى الجلوس بعد قيامه من ثنتين أنه لا تفسد صلاته إلا ما ذكر ابن أبي زيد عن سحنون أنه قال أفسد الصلاة رجوعه والصواب قول الجماعة الحكم الثامن فيمن سها في سجدتي السهو لا سهو عليه قاله النخعي والحكم وحماد والمغيرة وابن أبي ليلى والحسن الحكم التاسع أن سجود السهو واجب عند أبي حنيفة لوجود الأمر به في غير حديث لقوله في حديث أبي هريرة المتفق عليه ' فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين ' وذهب الشافعي إلى أن سجود السهو سنة يجوز تركه والحديث حجة عليه وقال ابن شبرمة في رجل نسي سجدتي السهو حتى يخرج من المسجد قال يعيد الصلاة (فإن قلت) روى الطبراني من حديث ابن عمر أن النبي لم يسجد يوم ذي اليدين (قلت) في إسناده عبد الله بن عمر العمري وهو مختلف في الاحتجاج به ولئن سلمنا صحته فإنه لا يقاوم حديث أبي هريرة فافهم 248 - (حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أنه قال صلى لنا رسول الله ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس فنام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس ثم سلم) مطابقته للترجمة في قوله ' صلى لنا رسول الله ركعتين من بعض الصلوات ثم قام ' وهذا الحديث نحو الحديث الأول غير أن مالكا يروي عن يحيى بن سعيد فيه وههنا يروي عن ابن شهاب وهو محمد بن مسلم الزهري وفيه زيادة وفي أكثر النسخ هذا الحديث مذكور قبل الحديث الأول قوله ' من بعض الصلوات ' بين ذلك في الحديث السابق أنها صلاة الظهر قوله ' ثم قام ' أي إلى الثالثة وزاد الضحاك بن عثمان عن الأعرج ' فسبحوا به فمضى حتى فرغ من صلاته ' أخرجه ابن خزيمة قوله ' فلما قضى صلاته ' أي لما فرغ منها وليس المراد منه القضاء الذي يقابل الأداء قوله ' ونظرنا تسليمه ' أي انتظرنا وفي رواية شعيب ' وانتظر الناس تسليمه ' قوله ' وهو جالس ' جملة اسمية وقعت حالا من الضمير الذي في ' فسجد ' قوله ' ثم سلم ' زاد في رواية يحيى بن سعيد ' ثم سلم بعد ذلك ' وسيأتي في رواية الليث ' وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس ' (ويستفاد منه أشياء) الأول في قوله ' فلما قضى صلاته ' دلالة على أن السلام ليس من الصلاة حتى لو أحدث بعد أن جلس وقبل أن يسلم تمت صلاته وهو مذهب أبي حنيفة وقال بعضهم وتعقب بأن السلام لما كان للتحليل من الصلاة كان المصلي إذا انتهى إليه كمن فرغ من صلاته ويدل على ذلك قوله في رواية ابن ماجة من طريق جماعة من الثقات عن يحيى بن سعيد عن الأعرج ' حتى إذا فرغ من الصلاة إلا أن يسلم ' فدل أن بعض الرواة حذف الاستثناء لوضوحه والزيادة من الحافظ مقبولة انتهى (قلت) أصحابنا ما اكتفوا بهذا في عدم فرضية السلام حتى يذكر هذا القائل التعقب بل احتجوا أيضا بحديث ' عبد الله بن مسعود أن نبي الله أخذ بيده فعلمه التشهد ' وفي آخره ' إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم وإن شئت أن تقعد فاقعد ' رواه أبو داود وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وإسحاق في مسنده وهذا ينافي فرضية السلام في الصلاة لأنه خير المصلي بعد القعود بقوله ' إن شئت ' أي آخره وهم تمسكوا بقوله ' تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ' ومعناه لا يخرج من الصلاة إلا به ونحن نمنع إثبات الفرضية بخبر الواحد على أن مدار هذا الحديث على عبد الله بن محمد بن عقيل وعلى أبي سفيان من طريق ابن شهاب وكلاهما ضعيفان والعجب من هذا القائل أنه يجوز للراوي حذف شيء من الحديث لوضوحه وكيف يجوز التصرف في كلام النبي بالزيادة والنقصان ولا سيما في باب الأحكام *
(٣٠٤)