وابن ماجة وأحمد في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه والطبراني في معجمه من حديث ثوبان عن النبي أنه قال ' لكل سهو سجدتان بعدما يسلم ' وبما رواه الطحاوي من حديث قتادة ' عن أنس في الرجل يهم في صلاته لا يدري أزاد أم نقص قال يسجد سجدتين بعد السلام ' (فإن قلت) قال البيهقي في المعرفة روى عن الزهري أنه ادعى نسخ السجود بعد السلام وأسنده الشافعي عنه ثم أكده بحديث معاوية أنه سجدهما قبل السلام رواه النسائي في سننه قال وصحبة معاوية متأخرة (قلت) قول الزهري منقطع وهو غير حجة عندهم وقال الطرطوشي هذا لا يصح عن الزهري وفي إسناده أيضا مطرف بن مازن قال يحيى كذاب وقال النسائي غير ثقة وقال ابن حبان لا تجوز الرواية عنه إلا للاعتبار (فإن قلت) قالوا المراد بالسلام في الأحاديث التي جاءت بالسجود بعد السلام هو السلام على النبي في التشهد أو يكون تأخيرها على سبيل السهو (قلت) هذا بعيد جدا مع أنه معارض بمثله وهو أن يقال حديثهم قبل السلام يكون على سبيل السهو ويحتمل حديثهم على السلام المعهود الذي يخرج به عن الصلاة وهو سلام التحلل ويبطل أيضا حملهم على السلام الذي في التشهدان سجود السهو لا يكون إلا بعد التسليمتين اتفاقا. وأما الجواب عن أحاديثهم فنقول أما حديث الباب وهو حديث ابن بحينة فهو يخبر عن فعله وفي أحاديثنا ما يخبر عن قوله فالعمل بقوله أولى على أنه قد تعارض فعلاه لأن في أحاديثهم أنه سجد للسهو قبل السلام وفي أحاديثنا سجد بعد السلام ففي مثل هذا المصير إلى قوله أولى وقد يقال أن سجوده بعد السلام إنما كان لبيان الجواز قبل السلام لا لبيان المسنون وقال بعض الشافعية وللشافعي قول آخر أنه يتخير إن شاء قبل السلام وإن شاء بعده والخلاف عندنا في الأجزاء وقيل في الأفضل وادعى الماوردي اتفاق الفقهاء يعني جميع العلماء عليه وقال صاحب الذخيرة للحنفية لو سجد قبل السلام جاز عندنا قال القدوري هذا في رواية الأصول قال وروى عنهم أنه لا يجوز لأنه أداه قبل وقته ووجه رواية الأصول أنه فعل حصل في مجتهد فيه فلا يحكم بفساده وهذا لو أمرناه بالإعادة يتكرر عليه السجود ولم يقل به أحد من العلماء وذكر صاحب الهداية أن هذا الخلاف في الأولوية وذكر ابن عبد البر كلهم يقولون لو سجد قبل السلام فيما يجب السجود بعده أو بعده فيما يجب قبله لا يضر وهو موافق لنقل الماوردي المذكور آنفا وقال الحازمي طريق الإنصاف أن نقول أما حديث الزهري الذي فيه دلالة على النسخ ففيه انقطاع فلا يقع معارضا للأحاديث الثابتة وأما بقية الأحاديث في السجود قبل السلام وبعده قولا وفعلا فهي وإن كانت ثابتة صحيحة ففيها نوع من تعارض غير أن تقديم بعضها على بعض غير معلوم رواية صحيحة موصولة والأشبه حمل الأحاديث على التوسع وجواز الأمرين انتهى. وأما حديث أبي سعيد فإن مسلما أخرجه منفردا به ورواه مالك مرسلا (فإن قلت) قال الدارقطني القول لمن وصله (قلت) قال البيهقي الأصل الإرسال. وأما حديث معاوية فإن النسائي أخرجه من حديث ابن عجلان عن محمد بن يوسف مولى عثمان عن أبيه عنه ثم قال ويوسف ليس بمشهور. وأما حديث أبي هريرة فهو منسوخ. وأما حديث ابن عباس فإنه من حديث ابن إسحاق عن مكحول عن كريب عن ابن عباس ورواه أبو علي الطوسي في الأحكام عن يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية حدثنا محمد بن إسحاق حدثني مكحول أن رسول الله قال فذكره وقال الدارقطني رواه حماد بن سلمة عن ابن إسحاق عن مكحول مرسلا ورواه ابن علية وعبد الله بن نمير والمحاربي عن ابن إسحاق عن مكحول مرسلا ووصله يرجع إلى حسين بن عبد الله وإسماعيل بن مسلم وكلاهما ضعيفان. وأما حديث ابن مسعود فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه ولم يسمع منه وبقيت هنا أحكام أخرى. الأول أن في محل سجدتي السهو خمسة أقوال القولان للحنفية والشافعية ذكرناهما. والثالث مذهب المالكية فإن عندهم إن كان للنقصان فقبل السلام وإن كان للزيادة فبعد السلام وهو قول للشافعي. والرابع مذهب الحنابلة أنه يسجد قبل السلام في المواضع التي سجد فيها رسول الله وبعد السلام في المواضع التي سجد فيها بعد السلام وما كان من السجود في غير تلك المواضع يسجد له أبدا قبل السلام. والخامس مذهب الظاهرية أنه لا يسجد للسهو إلا في المواضع التي سجد فيها رسول الله فقط وغير ذلك إن كان فرضا أتى به وإن كان ندبا فليس عليه شيء. والمواضع التي سجد فيها رسول الله خمسة. أحدها قام من ثنتين على ما جاء به في حديث
(٣٠٢)