عليه وسلم بالليل سبع وتسع وإحدى عشرة سوى ركعتي الفجر.
مطابقته للجزء الثاني للترجمة كما في الحديث السابق.
ذكر رجاله: وهم سبعة: الأول: إسحاق. قال الجياني: لم أجده منسوبا لأحد من رواة الكتاب، وذكر أبو نصر أن إسحاق الحنظلي يروي عن عبيد الله بن موسى في (الجامع) ويريد ذلك أن أبا نعيم أخرجه كذلك ثم قال في آخره: رواه، يعني البخاري، عن إسحاق عن عبيد الله، وكذا ذكره الدمياطي أنه هو ابن راهويه، لكن الإسماعيلي رواه في كتابه عن إسحاق بن سيار النصيبيني عن عبيد الله، وإسحاق هذا صدوق ثقة، قاله ابن أبي حاتم، لكن ليس له رواية في الكتب الستة، ولا ذكره البخاري في (تاريخه الكبير) فتعين أنه الأول. الثاني: عبيد الله ابن موسى بن باذام أبو محمد. الثالث: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. الرابع: أبو حصين، بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين، واسمه عثمان بن عاصم الأسدي. الخامس: يحيى بن وثاب، بفتح الواو وتشديد الثاء المثلثة وبعد الألف باء موحدة، مات سنة ثلاث ومائة. السادس: مسروق بن الأجدع. السابع: عائشة، أم المؤمنين، رضي الله تعالى عنها.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع. وفيه: الإخبار بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: السؤال. وفيه: القول في أربعة مواضع. وفيه: أن شيخه مروزي والبقية كلهم كوفيون. وفيه: أن البخاري روى عن عبد الله بن موسى في هذا الحديث بواسطة، وهو من كبار مشايخه. وقد روى عنه في الحديث الذي يأتي بلا واسطة، وكأنه لم يقع له سماع منه في هذا الحديث، وفيه: أنه ليس في (الصحيح) من هو مكني بأبي الحصين غيره. وفيه: ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض وهم: أبو حصين ويحيى ومسروق. وفيه: ثلاثة ذكروا بلا نسبة مطلقا وواحد بالكناية.
ذكر ما يستفاد منه: دل هذا الحديث أنه، صلى الله عليه وسلم، كان يصلي من الليل سبع ركعات وتسع ركعات، وروى النسائي من حديث يحيى بن الجزار عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، أنه يصلي من الليل تسعا، فلما أسن صلى سبعا، ودل أيضا أنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة سوى ركعتي الفجر، وهما سنة، فتكون الجملة ثلاث عشرة ركعة. فإن قلت: في (الموطأ): من حديث هشام عنها أنه: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع نداء الصبح ركعتين، وسيأتي في: باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، عن عبد الله بن يوسف عن مالك به، فتكون الجملة خمس عشرة ركعة. قلت: لعل ثلاث عشرة بإثبات سنة العشاء التي بعدها. أو أنه عد الركعتين الخفيفتين عند الافتتاح أو الركعتين بعد الوتر جالسا. فإن قلت: روي في: باب قيام النبي، صلى الله عليه وسلم، في رمضان: عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن سعيد عن أبي سلمة أنه سأل عائشة، فقالت: (ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن،. ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا) وأخرجه مسلم أيضا قلت: يحتمل أنها نسيت ركعتي الفجر أو ما عدتهما منها. فإن قلت: في رواية القاسم عنها، كما يأتي عقيب حديث مسروق عنها: كان يصلي من الليل ثلاث عشرة، منها الوتر وركعتا الفجر، وفي رواية مسلم أيضا من هذا الوجه: كانت صلاته عشر ركعات ويوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر، فتلك ثلاث عشرة؟ قلت: حديث القاسم عنها محمول على أن ذلك كان غالب حاله، وأما حديث مسروق عنها فمرادها أن ذلك وقع منه في أوقات مختلفة، فتارة كان يصلي سبعا، وتارة تسعا، وتارة إحدى عشرة. وقال القرطبي: أشكلت روايات عائشة على كثير من أهل العلم حتى نسب بعضهم حديثها إلى الاضطراب، وقال: إنما يتأتى الاضطراب لو أنها أخبرت عن وقت مخصوص، أو كان الراوي عنها واحدا، وقال عياض: يحتمل أن إخبارها بإحدى عشرة منهن الوتر في الأغلب، وباقي رواياتها إخبار منها ما كان يقع نادرا في بعض الأوقات بحسب اتساع الوقت وضيقه، بطول قراءة أو نوم أو بعذر مرض أو غيره، أو عند كبر السن، أو تارة تعد الركعتين الخفيفتين في أول القيام، وتارة لا تعدهما. وقال ابن عبد البر، رحمه الله تعالى: وأهل العلم يقولون: إن الاضطراب عنها في الحج والرضاع وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل وقصر صلاة المسافر لم يأت ذلك إلا منها، لأن الرواة عنها حفاظ، وكأنها أخبرت بذلك في أوقات متعددة وأحوال مختلفة.
ومما يستفاد من هذه الأحاديث: أن قيام الليل سنة مسنونة