عن عائشة رضي الله عنها قالت ما ألفاه السحر عندي إلا نائما تعني النبي ) - مطابقته للترجمة ظاهرة لأن نومه صلى الله عليه وسلم كان عند السحر.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: موسى بن إسماعيل المنقري الذي يقال له التبوذكي. الثاني: إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو إسحاق الزهري، كان على قضاء بغداد. الثالث: أبوه سعد بن إبراهيم. الرابع: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف. الخامس: أم المؤمنين عائشة، رضي الله تعالى عنها.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: الرواية بطريق الذكر وقد رواه أبو داود عن أبي توبة فقال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه. وأخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن جمعة بن عبد الله عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عمه أبي سلمة بن عبد الرحمن به. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضعين. وفيه: رواية الابن عن الأب. وفيه: رواية الرجل عن عمه وهو سعد بن إبراهيم يروى عن عمه كما صرح به في رواية الإسماعيلي. وفيه: رواية التابعي عن التابعي، فإن سعد بن إبراهيم من أجلة التابعين وفقهائهم وصالحيهم. وفيه: رواية التابعي عن الصحابية.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الصلاة عن أبي كريب عن محمد بن بشر. وأخرجه أبو داود فيه عن أبي توبة الربيع بن نافع عن إبراهيم بن سعد، وأخرجه ابن ماجة فيه عن علي بن محمد.
ذكر معناه: قوله: (ما ألفاه)، بالفاء أي: ما وجده، يقال: ألفيت الشيء أي: وجدته، وتلافيته أي: تداركته. قال تعالى: * (وألفيا سيدها لدى الباب) * (يوسف: 52). أي: وجداه. قوله: (السحر) بالرفع لأنه فاعل (الفاه)، والضمير المنصوب في: ألفاه، راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقال: إنه إضمار قبل الذكر لأن أبا سلمة كان سألت عائشة عن نوم النبي صلى الله عليه وسلم وقت السحر بعد ركعتي الفجر، وكانتا في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضا فسرت عائشة الضمير بقولها: تعني النبي صلى الله عليه وسلم فإن قلت: وقت السحر يطلق على قبيل الصبح عند أهل اللغة، وأيضا اشتقاق السحور منه، لأنه لا يجوز إلا قبل انفجار الصبح، فهل كان نومه في هذا الوقت أو في غيره؟ قلت: قال بعضهم: المراد نومه بعد القيام الذي مبدؤه عند سماع الصارخ. انتهى. والذي يظهر لي أنه اضطجاعه بعد ركعتي الفجر، وعلى هذا ترجم مسلم فقال: باب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، ثم روى الحديث المذكور، فقال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن بشر عن مسعر عن سعد عن أبي سلمة (عن عائشة ما ألفي رسول الله صلى الله عليه وسلم السحر على فراشي أو عندي إلا نائما). ويؤيد ما ذكرناه ترجمة الباب الذي عقيب الباب المذكور، يظهر ذلك بالتأمل، وذكر بعض من يعتني بشرح الأحاديث في (شرح سنن أبي داود) في تفسير هذا الحديث. قوله: (ما ألفاه السحر عندي إلا نائما) يعني: ما أتى عليه السحر عندي إلا وهو نائم، فعلى هذا كانت صلاته بالليل، وفعله فيه إلى السحر، ويقال: هذا النوم هو النوم الذي كان داود، عليه الصلاة والسلام، ينام، وهو أنه كان ينام أول الليلة ثم يقوم في الوقت الذي ينادي فيه الله، عز وجل، هل من سائل؟ ثم يستدرك من النوم ما يستريح به من نصب القيام في الليل، وهذا هو النوم عند السحر، على ما بوب له البخاري، وقال ابن التين: قولها: (إلا نائما) أي: مضطجعا على جنبه، لأنها قالت في حديث آخر: (فإن كنت يقظانة حدثني وإلا اضطجع حتى يأتيه المنادي للصلاة)، فيحصل بالضجعة الراحة من نصب القيام، ولما يستقبله من طول صلاة الصبح، فلهذا كان ينام عند السحر. وقال ابن بطال: النوم وقت السحر كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في الليالي الطوال، وفي غير شهر رمضان، لأنه قد ثبت عنه تأخير السحور، على ما يأتي في الباب الذي بعده.
8 ((باب من تسحر ثم قام إلى الصلاة فلم ينم حتى صلى الصبح)) أي: هذا باب في بيان حال من تسحر ثم قام إلى الصلاة، أي: صلاة الصبح، فلم ينم بعد التسحر حتى صلى الصبح، هذه الترجمة على هذا الوجه في رواية الحموي والمستملي، وفي رواية الأكثرين: باب من تسحر فلم ينم حتى صلى الصبح.