عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ١٤٨
أي: قال الليث بن سعيد: حدثني يونس أي: ابن أبي يزيد الأيلي عن ابن شهاب، هو محمد بن مسلم الزهري، حدثني عبد الله بن عامر بن ربيعة أن أباه هو عامر بن ربيعة العنزي، وهذا تقدم موصولا في أول: باب ينزل للمكتوبة، حيث قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب، غير أن الليث روى هناك: عن عقيل عن ابن شهاب، وههنا روى: عن يونس عن ابن شهاب، ورواية يونس هذه وصلها الذهلي في (الزهريات) عن أبي صالح عنه.
5011 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومىء برأسه وكان ابن عمر يفعله.
.
مطابقته للترجمة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على دابته بالإيماء وليس فيه أنه في دبر صلاة من الصلوات، وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن حمزة وكلهم قد ذكروا غير مرة، ورواية الزهري هذه عن سالم عن ابن عمر ذكرها في: باب الإيماء على الدابة، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر موقوفا، ثم ذكر عقيبة مرفوعا، وههنا ذكره مرفوعا ثم ذكر عقيبه موقوفا، وهو قوله: (وكان ابن عمر يفعله)، فكأنه أشار بذلك إلى أن العمل به مستمر لم يلحقه معارض ولا ناسخ ولا راجح.
قوله: (كان يسبح)، أي: يتنفل على ظهر راحلته بالإيماء. فإن قلت: ذكر في: باب من لم يتطوع في السفر، عن ابن عمر أنه قال: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره يسبح في السفر، وههنا قال: كان يسبح؟ قلت: معنى: لم أره يسبح في السفر، يعني: على الأرض، وههنا معناه: كان يسبح راكبا، ويكون تركه صلى الله عليه وسلم التنفل في السفر على الأرض تحريا منه إعلام أمته أنهم في أسفارهم بالخيار في التنفل. وقال ابن بطال: وليس قول ابن عمر: لم أره يسبح، حجة على من رآه، لأن من نفى شيئا فليس بشاهد. قوله: (يومىء برأسه) جملة حالية وتفسير لقوله: (يسبح)، لأن السبحة على ظهر الدابة هو الذي يكون بالإيماء للركوع والسجود.
وقال الكرماني: وفيه: دليل على جواز التنفل على الأرض، لأنه لما جاز له التنفل على الراحلة كان في الأرض أجوز. قلت: هذا كلام عجيب، لأن الحكم هنا بالقياس لا يحتاج إليه، والأرض مسجد لسائر الصلوات كما في النص.
31 ((باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء)) أي: هذا باب في بيان حكم الجمع في السفر بين صلاتي المغرب والعشاء، وإنما ذكر لفظ: الجمع، مطلقا ليتناول جميع أقسامه، لأن في الباب ثلاثة أحاديث عن ابن عمر وابن عباس وأنس، رضي الله تعالى عنهم، فحديث ابن عمر وابن عباس بصورة التقييد، وحديث أنس بصورة الإطلاق، ولا يخفى ذلك على المتأمل.
6011 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال سمعت الزهري عن سالم عن أبيه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وقد ذكرنا وجه إطلاق الترجمة مع كون الحديث مقيدا.
ورجاله قد ذكروا غير مرة، وعلي هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة والزهري هو محمد بن مسلم وسالم هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة عن يحيى بن يحيى وقتيبة وأبي بكر بن أبي شيبة وعمر والناقد. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن منصور، والخمسة عن سفيان به.
قوله: (إذا جد به السير) أي: اشتد، قال في (المحكم) وقال ابن الأثير: أي إذا اهتم به وأسرع فيه، يقال: جد يجد ويجد، بالضم والكسر، وجد به الأمر وأجد وجد فيه: إذا اجتهد، والكلام في هذا الباب على نوعين.
الأول: فيمن روى الجمع بين الصلاتين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم. منهم: علي بن أبي طالب، أخرج حديثه أبو داود بسند لا بأس به، (كان إذا سافر بعدما تغرب الشمس حتى تكاد أن تظلم، ثم ينزل فيصلي المغرب، ثم يتعشى ثم
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»