عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ١٣٧
وقت الحاجة فلا يجوز، وهذا إذا وقع في كلام الشارع ليس في غيره على ما عرف في موضعه.
وفيه: أن صلاة المغرب لا تقصر في السفر، وترجمة الباب عليه.
وقد روي عن جماعة من الصحابة في ذلك أحاديث: منها: ما رواه عبد الله بن عمر وهو المذكور في الباب. ومنها: ما رواه البزار عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، من رواية الحارث عنه، قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ركعتين إلا المغرب ثلاثا، وصليت معه في السفر ركعتين إلا المغرب ثلاثا). ومنها: ما رواه أحمد (عن عمران بن حصين من رواية أبي نضرة أن فتى من أسلم سأل عمران بن حصين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صلى ركعتين إلا المغرب). ومنها: ما رواه الطبراني في (الأوسط) من رواية (عبد الله ابن يزيد عن خزيمة بن ثابت، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم يجمع المغرب والعشاء ثلاثا واثنتين بإقامة واحدة). وقال ابن بطال: لم تقصر المغرب في السفر عما كانت عليه في أصل الفريضة، لأنها وتر صلاة النهار، قال: وهذا تمام في كل سفر، فمن ادعى أن ذلك في بعض الأسفار فعليه الدليل. وقال شيخنا زين الدين، رحمه الله: بلغني إن الملك الكامل سأل الحافظ أبا الخطاب بن دحية عن المغرب: هل تقصر في السفر؟ فأجابه بأنها تقصر إلى ركعين، فأنكر عليه ذلك. فروى حديثا بسنده فيه قصر المغرب إلى ركعتين، ونسب إلى أنه اختلقه، فالله أعلم هل يصح وقوعه في ذلك؟ وما أظنه يقع في مثل هذا، إلا أنه اتهم. قال الضياء المقدسي: لم يعجبني حاله، كان كثير الوقيعة في الأئمة، قال ابن واصل، قاضي حمان.. كان ابن دحية مع فرط معرفته بالحديث وحفظه الكثير له متهما بالمجازفة في النقل، وقال ابن نقطة: كان موصوفا بالمعرفة والفضل إلا أنه كان يدعي أشياء لا حقيقة لها. وذكره الذهبي في (الميزان) فقال: متهم في نقله، مع أنه كان من أوعية العلم، دخل فيما لا يعنيه. فإن قلت: ما وجه تسمية صلاة المغرب بوتر النهار وهي صلاة ليلية جهرية اتفاقا؟ قلت: أجيب بأنها لما كانت عقيب آخر النهار، وندب إلى تعجيلها عقيب الغروب أطلق عليها وتر النهار لقربها منه، لتميز عن الوتر المشروع في الليل، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة). وعيد الفطر إنما هو من شوال، ولكن لما كان عقيب رمضان سمي رمضان: شهر عيد لقربه منه.
7 ((باب صلاة التطوع على الدواب حيثما توجهت به)) أي: هذا باب في بيان حكم صلاة التطوع على الدابة، ولفظ: الدابة، بالإفراد رواية الأكثرين، وفي رواية كريمة وأبي الوقت على الدواب، بصيغة الجمع. فإن قلت: في حديثي الباب، وهما حديث عامر بن ربيعة وحديث عبد الله بن عمر لفظ: الراحلة. وفي الترجمة لفظ: الدابة؟ قلت: لفظ الدابة أعم من لفظ الراحلة، وفي الباب حديث جابر أيضا، ولفظه: (وهو راكب في غير القبلة)، وهذا اللفظ يتناول الدابة والراحلة فاختار في الترجمة لفظا أعم ليتناول اللفظين المذكورين، وهذا أوجه من الذي قاله ابن رشيد، وأورد فيه الصلاة على الراحلة لتكون ترجمته بأعم ليلحق الحكم بالقياس.
3901 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا معمر عن الزهري عن عبد الله بن عامر عن أبيه. قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به.
مطابقته للترجمة من حيث إن الدابة تشمل الراحلة.
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: علي بن عبد الله المعروف بابن المديني، وقد مر غير مرة. الثاني: عبد الأعلى بن عبد الأعلى أبو محمد الشامي، مر في: باب المسلم من سلم المسلمون. الثالث: معمر، بفتح الميمين، ابن راشد، وقد مر. الرابع: محمد بن مسلم الزهري. الخامس: عبد الله بن عامر رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير، مات سنة خمس وثلاثين. السادس: أبوه عامر بن ربيعة العنزي، بفتح العين المهملة والنون وبالزاي: حليف آل عمر بن الخطاب، كان من المهاجرين الأولين، وشهد بدرا، مات بعيد مقتل عثمان، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول في موضعين. وفيه: الرؤية.. وفيه: أن شيخه مديني وعبد الأعلى بصري والزهري مدني. وفيه: رواية التابعي عن الصحابي ورواية الصحابي عن الصحابي، قال الذهبي: لعبد الله ولأبيه صحبة، واستشهد عبد الله يوم الطائف. وفيه: رواية الابن عن الأب، وليس لعامر بن ربيعة
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»