عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٢٤٩
والطهارة، وفائدة الخلاف تظهر فيما ذكرناه عنهم الآن.
وفي العدد الذي تصح به الجمعة أربعة عشر قولا. ثلاثة سوى الإمام عند أبي حنيفة، واثنان سواه عندهما، وواحد سواه عند النخعي والحسن بن حي وجميع الظاهرية، وسبعة عن عكرمة، وتسعة واثنا عشر عن ربيعة، وثلاثة عشر وعشرون وثلاثون عن مالك في رواية ابن حبيب، وأربعون موالي عن عمر بن عبد العزيز، وأربعون أحرارا بالغين عقلاء مقيمين لا يظعنون صيفا ولا شتاء إلا ظعن حاجة عند الشافعي، وأحمد في ظاهر قوله، وخمسون رجلا عن أحمد في رواية وعمر بن عبد العزيز في رواية، وثمانون ذكره المازري وغير محدود بعدد ذكره المازري أيضا. وقال الكرماني: وفي الحديث دليل لمالك حيث قال: تنعقد الجمعة بإثني عشر، وأجاب الشافعي بأنه محمول على أنهم رجعوا أو رجع منهم تمام أربعين، فأتم بهم الجمعة. قلت: في استدلال مالك نظر، وكذا في جواب الشافعية، لأنه لم يرد أنه أتم الصلاة، ويحتمل أنه أتمها ظهرا. وقيل: إن إسحاق بن راهويه ذهب إلى ظاهر هذا الحديث، فقال: إذا تفرقوا بعد الانعقاد يشترط بقاء اثني عشر، وتعقب بأنها واقعة عين لا عموم لها، وقال بعضهم: ترجح كون انفضاض القوم وقع في الخطبة لا في الصلاة،، وهو اللائق بالصحابة تحسينا للظن بهم. وقال الأصيلي: وصف الله تعالى الصحابة بخلاف هذا فقال: * (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) * (النور: 37). قلت: قيل: إن نزول الآية بعد وقوع هذا الأمر على أنه ليس في الآية تصريح بنزولها في الصحابة، ولئن سلمنا فلم يكن تقدم لهم نهي عن ذلك، فلما نزلت آية الجمعة وفهموا منها ذم ذلك اجتنبوه فوصفوا بعد ذلك بآية النور.
39 ((باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها)) أي: هذا باب في بيان كمية الصلاة بعد صلاة الجمعة وقبلها.
9337 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين...
مطابقته للترجمة في قوله: (وكان لا يصلي بعد الجمعة..) إلى آخره. فإن قلت: الترجمة مشتملة على بعد الجمعة وقبلها، وليس في الحديث إلا بعدها؟ قلت: أجيب عنه من وجوه: الأول: كأنه أشار إلى ما وقع في بعض طرق حديث الباب وهو ما رواه أبو داود وابن حبان من طريق أيوب، (عن نافع قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين، ويحدث أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: كان يفعل ذلك وقد جرت عادته بمثل ذلك). والثاني: أنه أشار به إلى استواء الظهر والجمعة حتى يدل الدليل على خلافه، لأن الجمعة بدل الظهر، وكانت عنايته بحكم الصلاة بعدها أكثر، فلذلك ذكره في الترجمة مقدما على خلاف العادة في تقديم القبل على البعد. والثالث: ورود الخبر في البعد صريح، وأشار إلى الذي فيه القبل، فذكر الذي فيه البعد صريحا، وأشار الذي فيه القبل.
وأما رجال الحديث فقد ذكروا غير مرة.
وأما من أخرجه غيره: فقد أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق مالك عن نافع إلى آخره. وأخرجه الترمذي من حديث الزهري عن سالم عن ابن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين). وأخرجه ابن ماجة عن محمد بن الصباح عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزهري، وأخرج الترمذي أيضا من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا). وفي (سنن سعيد ابن منصور): عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: (علمنا ابن مسعود، رضي الله تعالى عنه، أن نصلي بعد الجمعة أربعا، فلما قدم علينا علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، علمنا أن نصلي ستا..). وروى ابن حبان من حديث عبد الله بن الزبير، رضي الله تعالى عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان). وعند أبي داود، وقال: هو مرسل: (عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة). وقال: (إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة). وعن أبي هريرة مثله، رواه
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»