من عند الترمذي محسنا ' إن الله حي كريم يستحيي أن يرفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا ' قال الترمذي رواه بعضهم فلم يرفعه وعن أبي يوسف إن شاء رفع يديه في الدعاء وإن شاء أشار بإصبعيه وفي المحيط بإصبعه السبابة وفي التجريد من يده اليمنى وقال ابن بطال رفع اليدين في الخطبة في معنى الضراعة إلى الجليل والتذلل له وقال الزهري رفع الأيدي يوم الجمعة محدث وقال ابن سيرين أول من رفع يديه في الجمعة عبيد الله بن عبد الله بن معمر. وفيه الاستسقاء بالدعاء بدون صلاة وهو مذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وبه احتج على ذلك وفيه قيام الواحد بأمر العامة. وفيه إتمام الخطبة في المطر وفيه قال ابن شعبان في قوله ' إلا انفرجت ' خرجت عن المدينة كما يخرج الجيب عن الثوب وقال ابن التين فيه دليل على أن من أودع وديعة فجعلها في جيب قميصه أنه يضمن قال وقيل لا يضمن قال والأول أحوط لهذا الحديث * - 36 ((باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب وإذا قال لصاحبه أنصت فقد لغا)) أي: هذا باب في بيان حكم الإنصات يوم الجمعة في حالة خطبة الإمام. قوله: (والإمام يخطب) جملة حالية ذكرها للإشعار بأن الإنصات قبل شروع الإمام فيها لا يجب، خلافا لقوم في ذلك، ولكن الأولى الإنصات من وقت خروج الإمام. قوله: (وإذا قال لصاحبه: انصت، فقد لغا) من جملة الترجمة، وهو لفظ حديث الباب في بعض طرقه، وهي رواية النسائي عن قتيبة عن الليث عن عقيل عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الرجل لصاحبه يوم الجمعة، والإمام يخطب: انصت، فقد لغا) وبهذا السند روى الترمذي عن قتيبة عن الليث إلى آخره، ولفظه: (من قال يوم الجمعة والإمام يخطب: انصت، فقد لغا). قوله: (لصاحبه) المراد به، جليسه، وقيل: الذي يخاطبه بذلك مطلقا، وإنما أطلق عليه الصاحب باعتبار أنه صاحبه في الخطاب أو الجلوس. قوله: (أنصت) أمر من أنصت ينصب إنصاتا. وقال أبو المعاني في (المنتهى): نصت ينصت إذا سكت، وأنصت لغتان أي: استمع يقال: انصته وأنصت له وينشد:
* إذا قالت حذام فأنصتوها * ويروى: فصدقوها، وفي (المحكم): أنصت أعلى، والنصتة الاسم من الإنصات. وفي (الجامع): والرجل ناصت ومنصت. وفي (المجمل) و (المغرب): الإنصات السكوت للاستماع وأنشد الراغب في المجالسات:
* السمع للإنصات والإنصات للأذن * وقد مر عن قريب: باب الاستماع إلى الخطبة، وقد ذكرنا هناك أن الاستماع هو الإصغاء، ويعلم الفرق بين الاستماع والإنصات مما ذكرنا الآن، فلذلك ذكر البخاري ترجمة للاستماع وترجمة للانصات. قوله: (فقد لغا) اللغو واللغاء: السقط وما لا يعتد به من كلام وغيره، ولا يحصل منه على فائدة ولا نفع واللغو في الأيمان: لا والله وبلى والله، وقيل: معناه الإثم، ولغا في القول يلغو ويلغى لغوا ولغا وملغاة: أخطا، ولغا يلغو لغوا: تكلم ذكره ابن سيده. وفي (الجامع): اللغو: الباطل، تقول: لغيت ألغى لغيا ولغى بمعنى، ولغا الطائر يلغو لغوا: إذا صوت. وفي (التهذيب): لغوت اللغو والغى ولغى، ثلاث لغات، واللغو: كل ما لا يجوز. وقال الأخفش، اللغو الساقط من القول، وقيل: الميل عن الصواب. وقال النضر بن شميل، معنى لغوت خبت من الأجر. وقيل: بطلت فضيلة جمعتك، وقيل: صارت جمعتك ظهرا. وقيل: تكلمت بما لا ينبغي.
وقال سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم ينصت إذا تكلم الإمام هذا التعليق قطعة من حديث سلمان الذي أخرجه في: باب الدهن للجمعة، وفي: باب لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة.
934 حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت.
مطابقته للترجمة ظاهرة، ورجاله قد تكرر ذكرهم، وعقيل: بضم العين: هو ابن خالد الأيلي، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري.
وأخرجه مسلم في الصلاة عن قتيبة ومحمد بن رمح، كلاهما عن الليث عنه به. وعن عبد الملك بن شعيب عن الليث بن سعد عن أبيه عن جده عن عقيل عن الزهري، ورواه أبو داود عن القعنبي عن مالك عن ابن شهاب