عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ١٩١
القاعد عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وبه قال الشافعي ومالك في رواية. وقال أحمد والأوزاعي: يصلون خلفه قعودا، وبه قال حماد بن زيد وإسحاق وابن المنذر، وهو المروي عن أربعة من الصحابة وهم: جابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأسيد ابن حضير، وقيس بن فهد حتى لو صلوا قياما لا يجزيهم، وعند محمد بن الحسن: لا تجوز صلاة القائم خلف القاعد، وبه قال مالك في رواية ابن القاسم عنه وزفر. الحادي والعشرون: استدل له ابن المسيب على أن مقام المأموم يكون عن يسار الإمام، لأنه صلى الله عليه وسلم جلس على يسار أبي بكر، والجماعة على خلافه، ويتمشى قوله على أن الإمام هو أبو بكر، وأما من قال: الإمام هو النبي صلى الله عليه وسلم فلا يتمشى. قوله: قلت: اختلفت الروايات: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم الإمام أو أبو بكر الصديق؟ فجماعة قالوا: الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان الإمام إذا جلس عن يسار أبي بكر، ولقوله: (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائما يقتدي به)، وكان أبو بكر مبلغا لأنه لا يجوز أن يكون للناس إمامان. وجماعة قالوا: كان أبو بكر هو الإمام، لما رواه شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر) وفي رواية مسروق عنها: (أنه صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر جالسا في مرضه الذي توفي فيه، وروي حديث عائشة بطرق كثيرة في الصحيحين وغيرهما، وفيه اضطراب غير قادح. وقال البيهقي: لا تعارض في أحاديثها، فإن الصلاة التي كان فيها النبي صلى الله عليه وسلم إماما هي صلاة الظهر يوم السبت أو يوم الأحد، والتي كان فيها مأموما هي صلاة الصبح من يوم الاثنين. وهي آخر صلاة صلاها صلى الله عليه وسلم حتى خرج من الدنيا. وقال نعيم بن أبي هند: الأخبار التي وردت في هذه القصة كلها صحيحة، وليس فيها تعارض، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه صلاتين في المسجد، في إحداهما كان إماما، وفي الأخرى كان مأموما. وقال الضياء المقدسي وابن ناصر: صح وثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى خلفه مقتديا به في مرضه الذي توفي فيه ثلاث مرات، ولا ينكر ذلك إلا جاهل لا علم له بالرواية. وقيل: إن ذلك كان مرتين جمعا بين الأحاديث، وبه جزم ابن حبان. وقال ابن عبد البر: الآثار الصحاح على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الإمام. الثاني والعشرون: فيه تقديم الأفقه الأقرأ، وقد جمع الصديق، رضي الله تعالى عنه، بين الفقه والقرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكره أبو بكر بن الطيب وأبو عمرو الدواني. الثالث والعشرون: فيه جواز تشبيه أحد بأحد في وصف مشهور بين الناس. الرابع والعشرون: فيه أن للمستخلف أن يستخلف في الصلاة ولا يتوقف على أذن خاص له بذلك.
رواه أبو داود عن شعبة عن الأعمش بعضه أي: روي الحديث المذكور أبو داود وسليمان الطيالسي. قوله: (بعضه)، بالنصب بدل: من الضمير الذي في: رواه، وروايته هذه وصلها البزار، قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا أبو داود به. ولفظه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المقدم بين يدي أبي بكر)، هكذا رواه مختصرا، يعني: يوم صلى بالناس وأبو بكر إلى جنبه.
وزاد أبو معاوية جلس عن يسار أبي بكر فكان أبو بكر يصلي قائما يعني: زاد أبو معاوية محمد بن حازم الضرير في روايته عن الأعمش بإسناده، وهذه الزيادة أسندها البخاري في: باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم، عن قتيبة عنه، على ما يأتي إن شاء الله تعالى. ورواه ابن حبان عن الحسن بن شعبان عن ابن نمير عنه، بلفظ: (فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس قاعدا وأبو بكر قائما).
665 حدثنا إبراهيم بن موسى قال أخبرنا هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله قال قالت عائشة لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم واشتد وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فأذن له فخرج بين رجلين تخط رجلاه الأرض وكان بين العباس ورجل آخر. قال عبيد الله بن عبد الله فذكرت ذلك لابن عباس ما قالت عائشة فقال لي وهل تدري
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»