عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ١٩٣
667 حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إنها تكون الظلمة والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أين تحب أن أصلي فأشار إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم..
مطابقته أيضا للترجمة ظاهرة، وهذا الحديث قد مر مطولا في: باب المساجد في البيوت: عن سعيد بن عفير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع الأنصاري... الحديث، وإسماعيل شيخ البخاري هنا هو ابن أبي أويس.
قوله: (محمود بن الربيع، بفتح الراء، وعتبان، بكسر العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق وبالباء الموحدة. قوله: (إنها)، أي: أن القصة، أو: أن الحالة. قوله: (تكون) تامة لا تحتاج إلى الخبر. قوله: (والسيل) سيل الماء. قوله: (اتخذه) بالرفع والحزم. قوله: (مصلى)، بضم الميم أي: موضعا للصلاة. وقال الكرماني: الظلمة هل لها دخل في الرخصة أم السيل وحده يكفي فيها؟ فأجاب: بأنه لا دخل لها وكذا ضرارة البصر، بل كل واحد من الثلاثة عذر كاف في ترك الجماعة، لكن عتبان جمع بين الثلاثة بيانا لتعدد أعذاره ليعلم أنه شديد الحرص على الجماعة لا يتركها إلا عند كثرة الموانع.
وفيه من الفوائد: جواز إمامة الأعمى وترك الجماعة للعذر. والتماس دخول الأكابر منزل الأصاغر. واتخاذ موضع معين من البيت مسجدا وغيره.
قوله في حديث ابن عمر: ثم قال هذا مشعر بأنه قاله بعد الأذان، وتقدم في باب الكلام في الأذان أنه كان في أثناء الأذان، فعلم منه جواز الأمرين. وقوله: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن) محتمل لهما لا تخصيص له بأحدهما. قوله: (ذات برد) بسكون الراء، وكذلك حكمه: في ليلة ذات برد، بفتح الراء. وقال الكرماني: ابن عمر أذن عند الريح والبرد، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند المطر والبرد، فما وجه استدلاله؟ فأجاب: بأنه قاس الريح على المطر بجامع المشقة، ثم قال: هل يكفي المطر فقط أو الريح أو البرد في رخصة ترك الجماعة أم يحتاج إلى ضم أحد الأمرين بالمطر؟ فأجاب: بأن كل واحد منها عذر مستقل في ترك الحضور إلى الجماعة نظرا إلى العلة، وهي المشقة، والله أعلم بحقيقة الحال.
41 ((باب هل يصلي الإمام بمن حضر وهل يخطب يوم الجمعة في المطر)) أي: هذا باب ترجمته: هل يصلي الإمام بمن حضر من الذين لهم العلة المرخصة للتخلف عن الجماعة؟ يعني: يصلي بهم ولا يكره ذلك؟ فإن قلت: فحينئذ ما فائدة الأمر بالصلاة في الرحال؟ قلت: فائدته الإباحة، لأن من كان له العذر إذا تكلف وحضر فله ذلك ولا حرج عليه.
قوله: (وهل يخطب) أي: الخطيب يوم الجمعة في المطر إذا حضر أصحاب الأعذار المذكورين، يعني: يخطب ولا يترك ويصلي بهم الجمعة.
668 حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا عبد الحميد صاحب الزيادي قال سمعت عبد الله بن الحارث قال خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ فأمر المؤذن لما بلغ حي على الصلاة قال قل الصلاة في الرحال فنظر بعضهم إلى بعض فكأنهم أنكروا فقال كأنكم أنكرتم هذا إن هذا فعله من هو خير مني يعني النبي صلى الله عليه وسلم إنها عزمة وإني كرهت أن أحرجكم. (انظر الحديث 616 وطرفه).
مطابقته للترجمة تفهم من قوله: (خطبنا)، لأن ذلك كان يوم الجمعة، وكان يوم المطر. ومن قوله أيضا: (إنها عزمة) أي: إن الجمعة متحتمة، ومع هذا كره ابن عباس أن يكلفهم بها لأجل الحرج.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»