عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٧٤
وقال ابن حبان: كثير الخطأ في حديثه، فخرج عن حد الاحتجاج به. وقال ابن خزيمة: لا يحتج به.
فإن احتج الخصم بحديث وائل بن حجر قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه حين يكبر للصلاة وحين يركع وحين يرفع رأسه من الركوع يرفع يديه حيال أذنيه) أخرجه أبو داود والنسائي، فجوابه أنه ضاده ما رواه إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود، رضي الله تعالى عنه، أنه لم يكن رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعل ما ذكر من رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام، فعبد الله أقدم صحبة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأفهم بأفعاله من وائل، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون ليحفظوا عنه، وكان عبد الله كثير الولوج على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووائل بن حجر أسلم في المدينة في سنة تسع من الهجرة، وبين إسلاميهما اثنتان وعشرون سنة، ولهذا قال إبراهيم للمغيرة، حين قال: إن وائلا حدث أنه رأى (رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع): إن كان وائل رآه مرة يفعل ذلك، فقد رآه عبد الله خمسين مرة لا يفعل ذلك، فإن قلت: خبر إبراهيم غير متصل لأنه لم يدرك عبد الله، لأنه مات سنة اثنتين وثلاثين بالمدينة، وقيل: بالكوفة، ومولد إبراهيم سنة خمسين، كما صرح به ابن حبان قلت: عادة إبراهيم إذا أرسل حديثا عن عبد الله لم يرسله ألا بعد صحته عنده من الرواة عنه، وبعد تكاثر الروايات عنه، ولا شك أن خبر الجماعة أقوى من خبر الواحد وأولى.
فإن احتج الخصم بحديث علي، رضي الله تعالى عنه، أخرجه الأربعة، وفيه: رفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك، إذا قضى قراءته إذا أراد أن يركع، ويصنعه إذا ركع ورفع من الركوع، فجوابه أنه روي عنه أيضا ما ينافيه ويعارضه، فإن عاصم ابن كليب روى عن أبيه أن عليا كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة ثم لا يرفع بعد، رواه الطحاوي وأبو بكر بن أبي شيبة في (مصنفه)، ولا يجوز لعلي أن يرى ذلك من النبي، صلى الله عليه وسلم، ثم يترك هو ذلك إلا وقد ثبت نسخ الرفع في غير تكبيرة الإحرام، وإسناد حديث عاصم بن كليب صحيح على شرط مسلم.
الوجه الخامس: فيه أنه قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، وبه استدل الشافعي أن الإمام يجمع بين التسميع والتحميد، وقد مضى الكلام فيه مستوفى عن قريب.
الوجه السادس: فيه أنه لا يرفع يديه في ابتداء السجود ولا في الرفع منه، كما صرح به فيما يأتي، وبه قال أكثر الفقهاء، وخالف فيه بعضهم.
84 ((باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع)) أي: هذا باب في بيان رفع اليدين إذا كبر للافتتاح. قوله: (وإذا رفع) أي: رأسه من الركوع.
736 حدثنا محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يونس عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال رأيت رسول الله إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه وكان يفعل ذلك ذلك حين يكبر للركوع ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع ويقول سمع الله لمن حمده ولا يفعل ذلك في السجود.
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: محمد بن مقاتل أبو الحسن المروزي المجاور بمكة، مات سنة ست وعشرين ومائتين. الثاني: عبد الله بن المبارك. الثالث: يونس بن يزيد الأيلي. الرابع: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. الخامس: سالم بن عبد الله بن عمر. السادس: عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف أسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والإخبار كذلك في موضع وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في أربعة مواضع. وفيه: عن أبيه هكذا هو في رواية أبي ذر، وفي رواية الباقين: عن عبد الله بن عمر. وفيه: تصريح الزهري بإخبار سالم له به. وفيه: أن شيخ البخاري من أفراده. وفيه: من الرواة اثنان مروزيان واثنان مدنيان وواحد أيلي.
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»