مسعود أخرجه مسلم وفيه الجزم بالجمعة وهو حديث مستقل برأسه ومخرجه مغاير لحديث أبي هريرة لا يقدح أحدهما في الآخر لإمكان كونهما واقعتين كما أشرنا إلى ذلك عن قريب قوله ' فيؤذن لها ' كذا هو باللام أي أعلم الناس لأجلها ويروى بالباء أي أعلمت بها والهاء مفعول ثان قوله ' ثم أخالف ' من باب المفاعلة قال الجوهري قولهم هو يخالف إلى فلان أي يأتيه إلى غاب عنه وقال الزمخشري يقال خالفني إلى كذا إذا قصده وأنت مولى عنه قال تعالى * (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) * والمعنى أخالف المشتغلين بالصلاة قاصدا إلى بيوت الذين لم يخرجوا عنها إلى الصلاة فأحرقها عليهم ويقال معنى أخالف إلى رجال أذهب إليهم والتقييد بالرجال يخرج الصبيان والنساء قوله ' فأحرق ' بالتشديد من التحريق والمراد به التكثير يقال حرقه بالتشديد إذا بالغ في تحريقه ويروى ' فأحرق من الإحراق ' ورواية التشديد أكثر وأشهر قوله ' والذي نفسي بيده ' أعاد يمينه لأجل المبالغة في التهديد قوله ' عرقا ' بفتح العين وسكون الراء جمعه عراق قال الأزهري في التهذيب هي العظام التي يؤخذ منها هبر اللحم ويبقى عليها لحوم رقيقة طيبة فتكسر وتطبخ وتؤخذ إهالتها من طفاختها ويؤكل ما على العظام من لحم رقيق وتشمس العظام ولحمها من أطيب اللحوم عندهم يقال عرقت اللحم وتعرقته وأعرقته إذا أخذت اللحم منه نهشا بأسنانك وعظم معروق إذا ألقي عنه لحمه أي قشر والعرام مثل العراق قاله الرياشي وقال القتيبي سمعت الرياشي يروي عن أبي زيد أنه قال قول الناس ثريدة كثيرة العراق خطأ لأن العراق العظام وفي الموعب لابن التياني عن ابن قتيبة تسمى عراقا إذا كانت جرداء لا لحم عليها وتسمى عراقا وعليها اللحم وزعم الكلبي أن العراق العظم الذي أخذ أكثر مما بقي عليه وبقي عليه شيء يسير وعن الأصمعي العرق بجزم الراء الفدرة من اللحم وفي المحكم العراق العظم بغير لحم فإن كان عليه لحم فهو عرق والعرق الفدرة من اللحم وجمعها عراق وهو من الجمع العزيز وحكى ابن الأعرابي في جمعه عراق بالكسر وهو أقيس وفي المغرب العرق العظم قوله ' أو مرماتين ' بكسر الميم وفتحها وهي تثنية مرماة وقال الخليل هي ما بين ظلفي الشاة وحكاه أبو عبيد وقال لا أدري ما وجهه ونقله المستملي في روايته في كتاب الأحكام عن الفربري عن محمد بن سليمان عن البخاري قال المرماة بكسر الميم مثل منساة وميضاة ما بين ظلفي الشاة من اللحم قال عياض فالميم على هذا أصلية وقال الأخفش المرماة لعبة كانوا يلعبونها بنصال محددة يرمونها في كوم من تراب فأيهم أثبتها في الكوم غلب وهي المرماة والمدحاة وحكى الحربي عن الأصمعي أن المرماة سهم الهدف وقال ويؤيده ما حدثني ثم ساق من طريق أبي رافع عن أبي هريرة بلفظ ' لو أن أحدهم إذا شهد الصلاة معي كان له عظم من شاة سمينة أو سهمان لفعل ' وقيل المرماة سهم يتعلم عليه الرمي وهو سهم دقيق مستو غير محدد وقال أبو سعيد المرماتان في الحديث سهمان يرمي بهما الرجل فيحرز سبقه يقول يسابق إلى إحراز الدنيا وسبقها ويدع سبق الآخرة (فإن قلت) لم وصف العرق بالسمن والمرماة بالحسن (قلت) ليكون الباعث النفساني في تحصيلهما وقال الطيبي الحسنتين بدل المرماتين إذا أريد بها العظم الذي لا لحم عليه وإن أريد بهما السهمان الصغيران فالحسنتان بمعنى الجيدتان صفة للمرماتين قال والمضاف محذوف يعني في قوله ' لشهد العشاء ' أي صلاة العشاء فالمعنى لو علم أنه لو حضر الصلاة لوجد نفعا دنيويا وإن كان خسيسا حقيرا لحضرها لقصور همته على الدنيا ولا يحضرها لما لها من مثوبات العقبى ونعيمها (ذكر ما يستفاد منه) فيه أن جماعة استدلوا به على أن الجماعة فرض عين وقال صاحب التلويح اختلف في صلاة الجماعة هل هي شرط في صحة الصلاة كما قال داود بن علي وأحمد بن حنبل أو فرض على الأعيان كما قاله جماعة من العلماء ابن خزيمة وابن المنذر وهو قول عطاء والأوزاعي وأبي ثور وهو الصحيح عند أحمد وقال في شرح المهذب وقيل أنه قول للشافعي وعن أحمد واجبة ليست بشرط وقيل سنة مؤكدة كما قاله القدوري وفي شرح الهداية عامة مشايخنا أنها واجبة وقد سماها بعض أصحابنا سنة مؤكدة وفي المفيد الجماعة واجبة وتسميتها سنة لوجوبها بالسنة وفي البدائع إذا فاتته الجماعة لا يجب عليه الطلب في مسجد آخر بلا خلاف بين أصحابنا لكن إن أتى مسجدا يرجو إدراك الجماعة فيه فحسن وإن صلى في مسجد حيه فحسن وعن القدوري يجمع بأهله وفي التحفة إنما تجب على من قدر عليها من غير
(١٦١)