(قول النبي): كلام إضافي مبتدأ وقوله: (أصح) خبره، وليس المراد منه أفعل التفضيل، لأنه إذا أريد به التفضيل يلزم أن يكون قول ابن سيرين صحيحا. وقول النبي صلى الله عليه وسلم أصح منه، وليس كذلك، وإنما المراد بالأصح: لأنه قد يذكر أفعل ويراد به التوضيح لا التفضيل. وهذا الكلام من البخاري رد على ابن سيرين، لأن الشارع جوز لفظ الفوات، وابن سيرين كرهه.
635 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا شيبان عن عن يحيى عن عبد الله ابن أبي قتادة عن أبيه قال بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة الرجال فلما صلى قال ما شأنكم قالوا استعجلنا إلى الصلاة قال فلا تفعلوا إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.
مطابقته للترجمة في قوله: (وما فاتكم فأتموا).
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: أبو نعيم الفضل بن دكين. الثاني: شيبان، بفتح الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف بعدها الباء الموحدة: ابن عبد الرحمن النحوي. الثالث: يحيى بن أبي كثير. الرابع: عبد الله بن أبي قتادة. الخامس: أبو قتادة، واسمه الحارث بن ربعي الأنصاري.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رواته ما بين بصري وكوفي. وفيه: القول في موضعين.
والحديث أخرجه مسلم أيضا في الصلاة عن إسحاق بن منصور عن أبي بكر بن أبي شيبة.
ذكر معناه: قوله: (بينما) أصله: بين، فزيدت فيه: الميم والألف، وربما تزاد الألف فقط، فيقال: بينا، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل ومبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى، والأفصح أن لا يكون إذ وإذا في جوابيهما. تقول: بينا زيد جالس دخل عليه عمرو، وإذ دخل عليه عمرو، وإذا دخل عليه عمرو. وقوله: (جلبة الرجال) بالألف واللام في رواية الأكثرين، وفي رواية الأصيلي: (جلبة رجال)، بدون الألف واللام، والجلبة، بالفتحات: الأصوات، وذلك الصوت كان بسبب حركتهم وكلامهم واستعجالهم. قوله: (ما شأنكم؟) الشأن بالهمزة والتخفيف أي: الحال. أي: ما حالكم حيث وقع منك الجلبة؟ قوله: (لا تفعلوا) أي: لا تستعجلوا، وذكر بلفظ الفعل لا بلفظ الاستعجال مبالغة في النهي عنه. قوله: (بالسكينة)، بفتح السين وكسر الكاف: التأني والهينة، ويروى: (فعليكم السكينة)، بدون حرف الجر، وبالنصب نحو: عليك زيدا، أي: إلزمه، ويجوز الرفع على أنه مبتدأ وخبره هو قوله: (عليكم). قوله: (فما أدركتم) أي: القدر الذي أدركتموه في الصلاة مع الإمام فصلوا معه، وما فاتكم منها فأتموه.
وفي هذه اللفظة اختلاف، فعند أبي نعيم الأصبهاني: (وما فاتكم فاقضوا)، وكذا ذكرها الإسماعيلي من حديث شيبان عن يحيى، وفي رواية أبي داود من حديث أبي هريرة، (فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، وكذا هو في أكثر روايات مسلم. وفي رواية: (فاقض ما سبقك)، وفي رواية لأبي داود: (فاقضوا ما سبقكم)، وعند أحمد من حديث ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عنه: (وما فاتكم فاقضوا). وفي (المحلى): من حديث ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أنه قال: (إذا كان أحدكم مقبلا إلى الصلاة فليمش على رسله، فإنه في صلاة، فما أدرك فليصل، وما فاته فليقض، بعد ما قال عطاء: وإني لا أصنعه). وفي (مسند أبي قرة): عن ابن جريج عن الزهري عن أبي سلمة عنه بلفظ: (فاقضوا). قال: وذكر سفيان عن سعد بن إبراهيم حدثني عمرو بن أبي سلمة عن أبيه عنه، بلفظ: (وليقض ما سبقه).
ذكر ما يستفاد منه: اختلف العلماء في القضاء والإتمام المذكورين: هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين؟ وترتب على ذلك خلاف فيما يدركه الداخل مع الإمام: هل هو في أول صلاته أو آخرها؟ على أربعة أقوال: أحدها: أنه أول صلاته وأنه يكون بانيا عليه في الأفعال والأقوال، وهو قول الشافعي وإسحاق والأوزاعي، وهو مروي عن علي وابن المسيب والحسن وعطاء ومكحول، ورواية عن مالك وأحمد، واستدلوا بقوله: (وما فاتكم فأتموا)، لأن لفظ إلاتمام واقع على باق من شيء