عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٨٢
يبلغ إلي في حاجته).
وأخرجه الطحاوي أيضا، وقال: فهذا أصل هذا الحديث، ليس فيه ذكر كشف الفخذين أصلا فإن قلت: قد روى مسلم أيضا في (صحيحه) وأبو يعلى في (مسنده) والبيهقي في (سننه) هذا الحديث، وفيه ذكر كشف الفخذين. فقال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر، قال يحيى بن يحيى: أخبرنا، وقال الآخرون: حدثنا إسماعيل يعنون ابن جعفر (1) عن محمد بن أبي حرملة عن عطاء وسليمان ابني يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة قالت: (كان رسول الله مضطجعا في بيته كاشفا عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك، فتحدث ثم استأذن عثمان فجلس رسول ا وسوى ثيابه. قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، فلما دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك؟ فقال) ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟، قلت: لما أخرجه البيهقي قال. لا حجة فيه. وقال الشافعي: إن هذا مشكوك فيه لأن الراوي قال: (فخذيه أو ساقيه)، فدل ذلك على ما قاله الطحاوي: إن أصل الحديث ليس فيه ذكر كشف الفخذين، وقال أبو عمر: هذا حديث مضطرب.
وقال أبو موسى غطى النبي ركبتيه حين دخل عثمان.
وجه مطابقة هذا للترجمة من حيث إن الركبة إذا كانت عورة فالفخذ بالطريق الأولى، لأنه أقرب إلى الفرج الذي هو عورة إجماعا. وأبو موسى هو الأشعري، واسمه: عبد ا بن قيس، وهذا طرف حديث ذكره البخاري في مناقب عثمان من رواية عاصم الأحول: عن أبي عثمان النهدي عنه، وفيه: (أن النبي كان قاعدا في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبته، أو ركبتيه، فلما دخل عثمان غطاها). وزعم الداودي الشارح: أن هذه الرواية المعلقة عن أبي موسى وهم، وأنها ليست من هذا الحديث، وقد أدخل بعض الرواة حديثا في حديث: (إنما أتى أبو بكر إلى رسول الله وهو في بيته منكشف فخذه، فلما استأذن عثمان غطى فخذه، فقيل له في ذلك، فقال: إن عثمان رجل حيي، فإن وجدني على تلك الحالة لم يبلغ حاجته). قلت: الذي ذكرناه من رواية عاصم يرد عليه بيان ذلك أنا قد ذكرنا إن في حديث عائشة: (كاشفا عن فخذيه أو ساقيه)، وعند أحمد بلفظ: (كاشفا عن فخذه)، من غير شك، وعنده من حديث حفصة مثله، وقد ظهر من ذلك أن البخاري لم يدخل حديثا في حديث، بل هما قضيتان متغايرتان، في إحداهما كشف الركبة، وفي الأخرى كشف الفخذ، وفي رواية أبي موسى التي علقها البخاري: (كشف الركبة)، ورواية عائشة، (في كشف الفخذ)، ووافقها حفصة ولم يذكر البخاري روايتهما، وإنما ذكر مسلم رواية عائشة كما ذكرنا، وقال الكرماني: الركبة لا تخلو إما أن تكون عورة أو لا؟ فإن كانت عورة فلم كشفها قبل دخول عثمان؟ وإن لم تكن فلم غطاها عنه؟ قلت: الشق الثاني هو المختار، وأما التغطية فكانت للأدب والاستحياء منه. وقال ابن بطال. فإن قلت: فلم غطى حين دخوله؟ قلت: قد بين معناه بقوله: (ألا أستحي ممن تستحي منه ملائكة السماء؟) وإنما كان يصف كل وحد من الصحابة بما هو الغالب عليه من أخلاقه، وهو مشهور فيه، فلما كان الحياء الغالب على عثمان استحى منه، وذكر أن الملك يستحي منه فكانت المجازاة له من جنس فعله.
وقال زيد بن ثابت أنزل الله على رسوله وفخذه على فخذي فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي.
هذا أيضا تعليق وطرف من حديث وصله البخاري في تفسير سورة النساء في نزول قوله تعالى: * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) * (النساء: 59) الآية حدثنا إسماعيل بن عبد ا حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب حدثني سهل بن سعد الساعدي... الحديث. وفيه: (فأنزل ا على رسوله وفخذه على فخذي...) إلى آخره، وأخرجه أيضا في الجهاد عن عبد العزيز بن عبد ا. وأخرجه الترمذي في التفسير عن عبد بن حميد، وقال: حسن صحيح، وأخرجه النسائي في
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»