وجه مطابقة هذا الحديث المعلق للترجمة من حيث إنه، صلى ا تعالى عليه وسلم، شاهد النار وهو في الصلاة، ولكن فيه ما فيه، وقد أمعنا الكلام فيه، وقد ذكر البخاري هذا الذي علقه موصولا في باب: وقت الظهر عند الزوال، كما ستقف عليه عن قريب إن شاء ا تعالى، وأخرجه أيضا في الاعتصام عن أبي اليمان الحكم بن نافع، وأخرجه مسلم في فضائل النبي عن عبد الله ابن عبد الرحمن الدارمي عن أبي اليمان به.
134 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس قال انخسفت الشمس فصلى رسول الله ثم قال: أريت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع..
وجه التطابق مع ما فيه ما ذكرناه هو الذي مضى في حديث أنس. ورجاله قد ذكروا غيره مرة.
ومن لطائف إسناده: أن فيه: صيغة التحديث بالجمع في موضع واحد، والباقي عنعنة، وأن: رواته كلهم مدنيون إلا أن عبد الله بن مسلمة سكن البصرة. وأن هذا الإسناد بعينه مر في باب كفران العشير.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في صلاة الخسوف، وفي الإيمان عن عبد الله بن مسلمة، وفي النكاح عن عبد الله بن يوسف، وفي بدء الخلق عن إسماعيل بن أبي أويس، ثلاثتهم عن مالك عن زيد بن أسلم عنه به، وأخرجه مسلم في الصلاة عن محمد بن رافع عن إسحاق بن عيسى عن مالك به، وعن سويد بن سعيد عن حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم به. وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي به. وأخرجه النسائي عن محمد بن سلمة عن ابن القاسم عن مالك به.
ذكر معناه وإعرابه: قوله: (انخسفت الشمس) أي: انكسفت، روى جماعة أن الكسوف يكون في الشمس والقمر، وروى جماعة فيهما بالخاء، وروى جماعة في الشمس بالكاف، وفي القمر بالخاء، والكثير في اللغة، وهو اختيار الفراء أن يكون الكسوف للشمس والخسوف للقمر، يقال: كسفت الشمس وكسفها ا تعالى، وانكسفت. وخسف القمر وخسفه ا وانخسف، وذكر ثعلب في (الفصيح) أن كسفت الشمس وخسف القمر أجود الكلام. وفي (التهذيب) للأزهري خسف القمر وخسفت الشمس إذا ذهب ضوؤهما. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: خسف القمر وكسف واحد: ذهب ضوؤه، وقيل: الكسوف أن يكسف ببعضهما، والخسوف أن يخسف بكلهما، قال ا تعالى: * (فخسفنا به وبداره الأرض) * (القصص: 18). وقال شمر: الكسوف في الوجه: الصفرة والتغير، وقال ابن حبيب في (شرح الموطأ): الكسوف تغير اللون، والخسوف انخسافهما، وكذلك تقول في عين الأعور إذا انخسفت وغارت في جفن العين وذهب نورها وضياؤها. وفي (نوادر اليزيدي) و (الغريبين) انكسفت الشمس، وانكر ذلك الفراء والجوهري. وقال القزاز: كسفت الشمس والقمر تكسف كسوفا فهي كاسفة، وكسفت فهي مكسوفة وقوم يقولون: انكسفت وهو غلط. وقال الجوهري: العامة يقولون: انكسفت وفي (المحكم): كسفها ا وأكسفها، والأولى أعلى، والقمر كالشمس. وقال اليزيدي: خسف القمر وهو يخسف خسوفا فهو خسف وخسيف وخاسف، وانخسف انخسافا قال: وانخسف أكثر في ألسنة الناس، وفي (شرح الفصيح) لأبي العباس أحمد بن عبد الجليل: كسفت الشمس اسودت في رأي العين من ستر القمر إياها عن الأبصار، وبعضهم يقول: كسفت على ما لم يسم فاعله، وانكسفت. وعن أبي حاتم: إذا ذهب ضوء بعض الشمس بخفاء بعض جرمها فذلك الكسوف، وزعم ابن التين وغيره: أن بعض اللغويين قال: لا يقال في الشمس إلا كسفت، وفي القمر إلا خسف، وذكر هذا عن عروة بن الزبير أيضا، وحكى عياض عن بعض أهل اللغة عكسه، وهذا غير جيد، لقوله تعالى: * (وخسف القمر) * (القيامة: 8). وعند ابن طريف: كسفت الشمس والقمر والنجوم والوجوه كسوفا، وفي (المغيث) لأبي موسى: روى حديث الكسوف علي وابن عباس وأبي بن كعب وسمرة وعبد الرحمن بن سمرة وعبد الله ابن عمرو والمغيرة وأبو هريرة وأبو بكرة وأبو شريح الكعبي والنعمان بن بشير وقبيصة الهلالي، رضي ا عنهم جميعا، بالكاف. ورواه أبو موسى وأسماء وعبد الله بن عدي بن الخيار، بالخاء. وروي عن جابر وابن مسعود (1) وعائشة رضي ا عنهم باللفظين