عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٨٤
من بيت نصرانية فهل يدل على أن وضوءه كان من فضل هذه النصرانية؟ فلا يدل ولا يستلزم ذلك. فمن ادعى ذلك فعليه البيان بالبرهان.
وقال بعضهم الثاني مناسب لقوله: وفضل وضوء المرأة، لأن عمر، رضي الله عنه، توضأ بمائها، وفيه دليل على جواز التطهر بفضل وضوء المراة المسلمة لأنها لا تكون أسوأ حالا من النصرانية. قلت: الترجمة فضل وضوء المرأة، والنصرانية هل لها فضل وضوء حتى يكون التطابق بينه وبين الترجمة؟ فقوله: من بيت نصرانية لا يدل على أن الماء كان من فضل استعمال النصرانية، ولأن الماء كان لها. فإن قلت: في رواية الشافعي: من ماء نصرانية في جر نصرانية، قلت: نعم، ولكن لا يدل على أنه كان من فضل استعمالها، والذي يدل عليه هذا الأثر جواز استعمال مياههم، ولكن يكره استعمال أوانيهم وثيابهم. سواء فيه أهل الكتاب وغيرهم. وقال الشافعية: وأوانيهم المستعملة في الماء أخف كراهة، فإن تيقن طهارة أوانيهم أو ثيابهم فلا كراهة إذا في استعمالها. قالوا: ولا نعلم فيها خلافا، وإذا تطهر من إناء كافر ولم يتيقن طهارته ولا نجاسته، فإن كان من قوم لا يتدينون باستعمالها صحت طهارته قطعا، وإن كان من قوم يتدينون باستعمالها فوجهان: أصحهما: الصحة، والثاني: المنع. وممن كان لا يرى بأسا به: الأوزاعي والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهما. وقال ابن المنذر: ولا أعلم أحدا كرهه إلا أحمد وإسحاق. قلت: وتبعهما أهل الظاهر، واختلف قول مالك في هذا، ففي (المدونة): لا يتوضأ بسؤر النصراني ولا بماء أدخل يده فيه. وفي (العتبية) أجازه مرة وكرهه أخرى. وقال الشافعي في (الام): لا بأس بالوضوء من ماء المشرك وبفضل وضوئه ما لم يعلم فيه نجاسة. وقال ابن المنذر: انفرد إبراهيم النخعي بكراهة فضل المرأة إن كانت جنبا.
193 حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر انه قال كان الرجال والنساء
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»