ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري هاهنا عن أبي معمر، وفي باب الوضوء من المخرجين عن سعد بن حفص كما ذكرناه الآن وأخرجه مسلم عن زهير بن حرب، وعبد بن حميد، وعبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث ثلاثتهم عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عن حسين المعلم به.
ذكر معناه الجهني بضم الجيم وفتح الهاء وبالنون نسبة إلى جهينة بن زيد. قوله: (فقال: أرأيت) أي: فقال زيد لعثمان أرأيت، وفي بعض النسخ: قال له: أرأيت؟ أي: قال زيد لعثمان. قوله: (أرأيت) أي: أخبرني. قوله: (فلم يمن) بضم الياء آخر الحروف، من الإمناء إراداته أنه لم ينزل المني، وهذا أفصح اللغات. والثاني: منها فتح الياء. والثالث: بضم الياء مع فتح الميم وتشديد النون. قوله: (فقال عثمان: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم) الضمير المنصوب فيه يرجع إلى ما ذكره من قوله: (يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره) وذلك باعتبار المذكور، وهذا سماع ورواية وقوله: أولا فتوى منه. قوله: (فسألت عن ذلك) أي: عمن يجامع امرأته فلم يمن، والظاهر أن سؤاله عن علي والزبير وطلحة وأبي، رضي الله تعالى عنهم، استفتاء من عثمان، وفتوى منهم لا رواية لكن رواه الإسماعيلي مرة بإظهار أنه رواية، وصرح به أخرى ولم يذكر عليا، ثم ذكر بعد ذلك، روايات وقال: لم يقل أحد منهم عن النبي، عليه الصلاة والسلام، غير الحماني، وليس هو من شرط هذا الكتاب قوله: (فأمروه) الضمير المرفوع فيه يرجع إلى الصحابة الأربعة: وهم: علي والزبير وطلحة وأبي بن كعب، والضمير المنصوب فيه يرجع إلى المجامع الذي يدل عليه قوله: (إذا جامع الرجل امرأته) وهذا من قبيل قوله تعالى: * (أعدلوا هو أقرب للتقوى) * (سورة المائدة: 8) أي: العدل أقرب للتقوى، وقال بعضهم: فيه التفات لأن الأصل فيه أن يقول: فأمروني قلت، ليس فيه التفات أصلا لأن عثمان سأل هؤلاء عن المجامع الذي لم يمن فأجابوا له بما أجابوا، والكلام على أصله، لأن قوله: فأمروه عطف على. قوله: (فسألت) أي: فأمروا المجامع الذي لم يمن بذلك أي: بغسل الذكر والوضوء، والإشارة ترجع إلى الجملة باعتبار المذكور. قوله: (وأخبرني أبو سلمة) كذا وقع في رواية أبي ذر، ووقع في رواية الباقين قال يحيى: وأخبرني أبو سلمة، وهذا هو المراد لأنه معطوف على قوله: قال يحيى: وأخبرني أبو سلمة أن عطاء بن يسار، فيكون داخلا في الإسناد فيندفع بهذا قول من يقول: إن ظاهره معلق، والدليل عليه أيضا ما رواه مسلم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه بالإسنادين جميعا. قوله: (أنه سمع ذلك) أي: أخبر أبو أيوب الأنصاري عروة بن الزبير أنه سمع ذلك. أي: غسل الذكر والوضوء كوضوء الصلاة، وتذكير الإشارة باعتبار المذكور كما قلنا آنفا مثله، وقال الدارقطني: فيه وهم، لأن أبا أيوب لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما سمعه من أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك هشام عن أبيه عن أبي أيوب عن أبي بن كعب. قلت: قوله: لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. نفي، وقد جاء هذا الحديث من وجه آخر عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إثبات، والإثبات مقدم على النفي، على أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أكبر قدرا وسنا وعلما من هشام بن عروة، وحديث الإثبات رواه الدارمي وابن ماجة. فإن قلت: حكى الأثرم عن أحمد أن حديث زيد بن خالد المذكور في هذا الباب معلول لأنه ثبت عن هؤلاء الخمسة الفتوى بخلاف ما في خذا الحديث. قلت: كونهم أفتوا بخلافه لا يقدح في صحة الحديث، لأنه حكم من حديث منسوخ وهو صحيح، فلا منافاة بينهما، ألا ترى أن أبيا، رضي الله تعالى عنه، كان يرى الماء من الماء لظاهر الحديث، ثم أخبر عنه سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم نهى عن ذلك وأمره بالغسل.
وأما الذي يستنبط من حديث الباب إن الذي يجامع امرأته ولم ينزل منيه لا يجب عليه الغسل، وإنما عليه أن يغسل ذكره ويتوضأ وضوءه للصلاة وهذا منسوخ لما بيناه ومذهب الجمهور هو أن إيجاب الغسل لا يتوقف على إنزال المني، بل متى غابت الحشفة في الفرج وجب الغسل على الرجل والمرأة، ولهذا جاء في رواية أخرى في (الصحيح) وإن لم ينزل وفي (المغني) لابن قدامة تغييب الحشفة في الفرج هو الموجب للغسل سواء كان الفرج قبلا أو دبرا من كل حيوان آدمي أو بهيم حيا أو ميتا طائعا أو مكرها، نائما أو مستيقظا انتهى. وقال أصحابنا والتقاء الختانين يوجب الغسل أي: مع توازي الحشفة فإن نفس ملاقاة الفرج بالفرج من غير التواري لا يوجب الغسل، ولكن يوجب الوضوء عندهما، خلافا لمحمد. وفي (المحيط) لو أتى امرأته وهي بكر فلا غسل ما لم ينزل، لأن ببقاء البكارة يعلم أنه لم يوجد الإيلاج، ولكن إذا جومعت البكر فيما دون الفرج فحبلت فعليهما الغسل لوجود الإنزال لأنه لا حبل بدون، وقال [قعأبو حنيفة [/ قع: